عبر سنوات طويلة، كانت فكرة إعداد خطة استراتيجية لتطوير منظومة التعليم قبل الجامعى تسطع أحيانا مع قدوم كل وزير جديد للتربية والتعليم، ثم تخفت إلى حد العدم مع طول العهد بذلك الوزير حتى يخرج من الوزارة. ثم تتكرر القصة مع الوزراء الجدد الذى اعتاد كل منهم عقد مؤتمر لعرض مبادئ خطته وأهدافها، كما يقوم هو وأركان وزارته بزيارات متعددة لبلاد تقدمت فى مجال التعليم بحثاً عن أسباب ذلك التقدم وواعداً بالاستفادة من تجارب الآخرين، ولا بأس من الاتصال بالمؤسسات الدولية مثل اليونسكو والبنك الدولى وهيئات المعونة الأجنبية طلباً لتمويل خطة التطوير المصرية وتدريب المعلمين وغيرهم حتى يكون نظام التعليم المطور كاملاً شاملاً وتتحقق أهدافه الاستراتيجية وبرامجه الرئيسة والفرعية!
وقد تعددت تلك المحاولات قبل ثورة 25 يناير مثل ما أنتجه الوزراء د. أحمد فتحى سرور ود. حسين بهاء الدين وغيرهما، كان مصيرها جميعاً النسيان! إلى أن جاء د. محمود أبوالنصر وزيراً للتربية والتعليم الذى أعلن فى 17 ديسمبر 2013 أنه سيتم عرض الخطة الاستراتيجية للتعليم على الرئيس عدلى منصور للاطلاع عليها واعتمادها والبدء فى تنفيذها من يناير 2014 حتى عام 2022، وأكد أن الوزارة انتهت من وضع المحاور المبدئية للخطة الاستراتيجية، كما تم عرضها على الخبراء التربويين ومجالس الأمناء وأولياء الأمور والطلاب لمعرفة آرائهم حول مقترح الخطة، كما عٌرض المقترح المبدئى للخطة على جميع الجهات المستفيدة من الخدمة التعليمية عبر «الفيديو كونفرانس»، بحضور مديرى المديريات التعليمية وممثلين عن المعلمين والطلاب والإداريين ومجالس الأمناء وأولياء الأمور والخبراء التربويين وممثلى المجتمع المدنى.
وتم إعلان خطة د. أبوالنصر وحملت عناوين «الخطة الاستراتيجية للتعليم قبل الجامعى 2014- 2030»، «التعليم المشروع القومى لمصر»،«معاً نستطيع»، «تقديم تعليم جيد لكل طفل».
وجاء فى تقديم د. أبوالنصر للخطة «... توفير موارد بشرية متنامية القدرة والكفاءة، وعلى أعلى درجة من الجودة والأخلاقيات المهنية، من أجل بناء مجتمع يقوم على التعلم واقتصاد يقوم على المعرفة. كما تضطلع الوزارة برسالة قيادة وإدارة وتنمية قطاع التعليم قبل الجامعى ليستجيب للاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بهوية وطنية لا تنفصل عن الاتجاهات العالمية». ولتحقيق ما سبق تم تبنى ثلاث سياسات:
■ إتاحة فرص متكافئة لجميع السكان فى سن التعليم للالتحاق وإكمال التعليم على مستوى فرعيه العام والفنى، مع استهداف المناطق الفقيرة كأولوية أولى.
■ تكنولوجيا موظفة بكفاءة، وأنشطة تربوية رياضية وغير رياضية، ومعلم فعال لكل طفل فى كل فصل، وقيادة فعالة فى كل مدرسة، وفرص للتنمية المهنية الداخلية والخارجية لكل معلم وإدارى ليتقدم ويتميز.
■ تدعيم البنية المؤسسية وخاصة فى المدارس الفنية، وبناء قدرة العاملين بالتعليم على تطبيق اللامركزية على وجه يضمن الحوكمة الرشيدة.
وفى 17 أغسطس التقى الرئيس السيسى بالدكتور أبوالنصر فى اجتماع مطول تم خلاله استعراض الاستراتيجية (2014 ــ 2030) ومرحلتها التأسيسية (2014 ــ 2017)، كما تم الوقوف على مدى التقدم الذى تم إحرازه فيما يتعلق بتنفيذ البرامج التنفيذية للنهوض بكافة عناصر العملية التعليمية، والتى تشمل الطالب والمعلم والمناهج الدراسية والأبنية التعليمية.
ولكن تلك الخطة الاستراتيجية لم تصمد طويلاً، وتم تعيين من بعده وزيرين سبقا د. طارق شوقى لم يقدما أى إنجاز فى قضية تطوير التعليم!
وكان الرئيس السيسى قد أطلق فى 24 فبراير 2016 استراتيجية التنمية المستدامة ــ 20/30 واشتملت على محور للتعليم والتدريب تضمن التعليم قبل الجامعى والتعليم الجامعى ورؤية تستهدف حتى عام 2030 إتاحة التعليم والتدريب للجميع بجودة عالية دون التمييز، وفى إطار نظام مؤسسى، وكفء وعادل، ومستدام، ومرن.
وفى 30 إبريل 2018 صرح د. طارق شوقى،، بأن الاستراتيجية الموضوعة لتطوير التعليم التى سيبدأ تطبيقها فى سبتمبر 2018، ستتم وفقًا للدستور، مشيرًا إلى أنها تتفرع لـ4 محاور هى «تطوير نظام التعليم، وتعديل نظام المرحلة الثانوية، وفتح المدارس اليابانية، والمدارس التكنولوجية بالنسبة للتعليم الفنى». مع كل التمنيات بنجاح تنفيذ الاستراتيجية الجديدة وتخطى كل المعوقات والتحديات التى عوًقت تنفيذ الخطط والاستراتيجيات السابقة، ولكن لى ثلاثة أسئلة:
الأول لماذا لا يوجد على موقع وزارة التربية والتعليم أى معلومات عن تلك الاستراتيجية وبرامجها وخطتها التنفيذية؟
والثاني؛ هل يتفق قول الدكتور طارق شوقى خلال الجلسة الثانية عن استراتيجية تطوير التعليم فى مؤتمر الشباب: إن الوزارة قامت بشراء كتاب «الأضواء» لجميع المراحل التعليمية بالإضافة الى كتاب «سلاح التلميذ» من الابتدائية إلى الثانوية العامة للطلبة مجاناً؟
والثالث؛ هل يتفق استمرار استخدام الكتب الورقية الخارجية مع التحول إلى مناهج إلكترونية واستخدام التابلت وتشجيع الطلاب على التعامل مع بنك المعرفة المصرى؟!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع