توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مجتمع جديد أو الكارثة»

  مصر اليوم -

«مجتمع جديد أو الكارثة»

بقلم -علي السلمي

قبل أن ينتفض قارئ عنوان مقال اليوم رافضاً له لغرابته وقسوته، أسارع بالقول بأنه عنوان لكتاب مهم للمفكر والفيلسوف المصرى الكبير دكتور زكى نجيب محمود، صدرت منه ست طبعات الأولى كانت عام 1979 والأخيرة أصدرتها «مكتبة الأسرة» عام 2007. والكتاب فى مجمله دعوة إلى إقامة مجتمع جديد أساسه العلم وسلطان العقل. وكما قال المفكر الراحل فى تقديمه لكتابه « ليس الفكر ترفاً يلهو به أصحابه كما يلهو بالكلمات المتقاطعة رجل أراد أن يقتل فراغه، بل إن الفكر مرتبط بالمشكلات التى يحياها الناس حياة يكتنفها العناء، فيريدون لها حلاً حتى تصفو لهم المشارب؛ وبمقدار ما نجد الفكرة على صلة عضوية وثيقة بإحدى تلك المشكلات، نقول إنها فكرة بمعنى الكلمة الصحيح».

واستناداً إلى قول مفكرنا الراحل أناقش قرار وزيرة الصحة بضرورة عزف السلام الوطنى وترديد قسم الأطباء فى الساعة الثامنة من صباح كل يوم فى جميع المستشفيات الحكومية والمراكز العلاجية والمعاهد التابعة للوزارة، وذلك دون التهكم أو السخرية من ذلك القرار أو ممن أصدرته، والتى فاضت بها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى ــ والحق أنه قرار جدير بالتهكم ــ!

وبداية، أسأل كما أرشدنا د. زكى نجيب محمود، ما هى المشكلة أو المشكلات التى يحياها المصريون ويعانون منها أشد العناء وما هى الحلول التى يتطلعون إليها من وزارة الصحة ومن وزيرة جديدة حلت محل وزير سابق أمضى فى المنصب الوزارى بضع سنين ابتداء من 19 سبتمبر 2015 حتى 14 يونيو 2018 دون إنجاز حل مقبول من الناس لتلك المشكلات؟

هل يرتبط قرار عزف السلام الوطنى وترديد قسم الأطباء بحل مشكلة التدنى فى الخدمات الطبية والعلاجية وسوء الإدارة الطبية فى مستشفيات الوزارة التى جاءت الوزيرة لرفع كفاءتها بعد أن عجزت جهود وزراء الصحة السابقين عن حلها بمن فيهم الراحل العظيم دكتور إبراهيم بدران! هل يرتبط حل الوزيرة بمشكلات نقص الأجهزة والأدوية والمستلزمات الطبية التى يُطلب من المرضى إحضارها على نفقتهم الخاصة، إن استطاعوا، وإلا فالموت هو الحل!! هل يفيد ترديد قسم الأطباء فى حل مشكلات الأطباء الذين يعانون أنفسهم من هزال المرتبات والمطالب المستمرة لصرف بدل العدوى ويعانون، كما يعانى المرضى، من سوء أوضاع المستشفيات وتردى بيئة العمل التى لا تُمكنهم من الوفاء بما أقسموا عليه؛ من مراقبة الله فى مهنته، وصيانة حياة الإنسان فى كافة أدوارها، فى كل الظروف والأحوال باذلًا وسعه فى استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق، وحفظ كرامة الناس وستر عورتهم، وكتم سرهم، وأن يكون على الدوام من وسائل رحمة الله،... إلى آخر القسم.

هل تعالج الوزيرة بقرارها مشكلة البلبلة التى نشأت عن تصريحات رئيسة هيئة التأمين الصحى عن تأجيل نظام التأمين الصحى الشامل بعد أن دشنه رئيس الجمهورية ليبدأ من أول أغسطس القادم [2018] معللة ذلك بتغيير وزير الصحة السابق، ورغم بيان الرئاسة حول التنفيذ الصارم للنظام ـ إلا أن ما أثارته تصريحات رئيسة الهيئة تعكس حالة من القلق لدى المواطنين الذين ينتظرون تفعيل ذلك النظام.

وبشكل عام وجاد، هل يعالج قرار الوزيرة بإذاعة السلام الوطنى وترديد قسم الأطباء أى مشكلة حقيقية مما يعيشها أهل المحروسة؟ الجواب قولاً واحداً أن ذلك القرار لا ولن يحل أى مشكلة من مشكلات منظومة الصحة فى مصر قال عنها الرئيس «مفيش علاج جيد فى مصر».

وعودة إلى كتاب دكتور زكى نجيب محمود وكان قد بدأه بمقال عن «سلطان العقل» جاء فيه «على أنه لا جدوى من أن نردد كلمة (العقل) بألسنتنا دون أن نعنى بها كل ما تعنيه تلك الكلمة، أو ما يجب أن تعنيه، إذ العقل ـــ آخر الأمر ــ هو التخطيط المدروس، ولا يكون للتخطيط المدروس معنى، إلا أن يكون هنالك أهداف واضحة مقصودة». إن كلام مفكرنا الكبير الراحل ينطبق ليس فقط على قرار وزيرة الصحة، بل ينطبق على أى قرار أو فعل أو توجيه لأى مسؤول وكل مسؤول!

ولنا جولات قادمة مع كتابات مفكرينا العظام جزاهم الله خيراً على ما قدموه للمحروسة التى أهمل أبناؤها هؤلاء المفكرين ولا يكاد المصريون يعرفون مجرد أسمائهم.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مجتمع جديد أو الكارثة» «مجتمع جديد أو الكارثة»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon