توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«النهر الخالد».. رغم العجز المائى!

  مصر اليوم -

«النهر الخالد» رغم العجز المائى

بقلم -علي السلمي

حين تغنى عبدالوهاب بقصيدة «النهر الخالد» عام 1954 لم يكن يخطر بباله ما وصل إليه النيل من «العجز والفقر المائى» ومدى الهوان وسوء الاستخدام الذى لحقه بفعل المصريين الذين تعتمد حياتهم على مائه!

ولقد كتبت مقالين عن موضوع «الفقر المائى» وأشرت إلى سوء استخدام مياه النيل نتيجة استمرار الرى بالغمر. واقترحت تبنى «المصرى اليوم» ورشة عمل لمناقشة التحول إلى أساليب الرى الحديثة وإدارة متطورة للموارد المائية، ووضع برنامج علمى وعملى لتحقيق ذلك الهدف يلتزم به كافة الأطراف المسؤولة عن إدارة الموارد المائية وعن استخدام مياه النيل فى قطاعات الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلى.

وقد أثار مقالى الأخير شجون الأستاذ عباس الطرابيلى، إذ كتب مقالاً، صبيحة اليوم التالى، لنشره جعل له عنواناً «المياه.. والأرض.. والفلاح!» ونظراً لأنه من أكثر المهتمين بموضوع مياه النيل، فقد اقترح سيادته البدء بتطبيق الأفكار العملية للتحول عن الرى بالغمر فى محافظة زراعية ولمدة عام، تستخدم فيها ما يحقق تخفيض ٥٠٪ على الأقل مما يستخدم الآن من مياه للرى، من خلال تبطين كل ترع المحافظة، بأى وسيلة، لمنع تسرب مياه الرى إلى جوف الأرض.. مع إلغاء «القنايات» واستبدال بها الأنابيب. وبالقطع فإن اقتراح الأستاذ الطرابيلى مفيد ويمكن تنفيذه فى ذات الوقت الذى يمكن فيه عقد «ورشة عمل» التى اقترحتها لإعداد برنامج تحديد أسلوب ومنهجية ومقومات التحول عن الرى بالغمر إلى الرى الحديث.

وقد سبق للأستاذ الطرابيلى التساؤل عن مصير مشروع قانون الموارد المائية الذى أعدته الحكومة ولم تتم موافقة مجلس النواب عليه حتى الآن رغم أهميته القصوى.

وحيث نشر أن لجنة الزراعة والرى فى مجلس النواب قد عقدت اجتماعًا برئاسة النائب هشام الشعينى، يوم 22 أكتوبر الماضى لمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون الموارد المائية والرى، بالاشتراك مع مكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، فإنى أقترح أن يعقد مجلس النواب جلسات استماع لأهل العلم والخبرة والدراية بمشكلات استخدام مياه النيل والمستخدمين لها، وفى ذات الوقت ينبغى طرح هذا المشروع لحوار مجتمعى جاد قد يكون من بين أطرافه أعضاء «ورشة العمل»- إذا قدر لها أن تنعقد- على أن يُضمن المشروع نتائج الحوار المجتمعى وما يمكن أن تصل إليه «ورشة العمل» من توصيات!

من جانب آخر تتخذ الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى موقف «الصمت الرهيب» تجاه مشكلة «الفقر المائى» رغم تأكيد وزير الموارد المائية والرى أن مصر تعتمد على 97% من مواردها المائية التى تأتى من خارج حدودها شاملة المياه السطحية والجوفية مما يضاعف من أى تأثيرات للتغيرات المناخية على مواردها المائية، وأن العجز المائى للبلاد وصل لنحو 90% يتم تعويضه من خلال إعادة تدوير المياه والذى يمثل 25% من الاستخدام الحالى، كذلك استيراد مياه افتراضية فى صورة سلع غذائية لسد باقى العجز.

ومما يزيد العجب من حالة الصمت العام عن مشكلة العجز المائى التفاصيل التى أعلنها وزير الموارد المائية فى يناير 2018 بأن مصر تحتاج إلى 114 مليار متر مكعب من المياه لتحقق اكتفاءها الذاتى، بينما المتاح 55 مليار متر مكعب من النيل فقط، يضاف إليها 4.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية والأمطار، وأن استخدامات المصريين من المياه فعليا تبلغ 80 مليار متر مكعب فيكون العجز الفعلى فى المياه 20 مليار متر مكعب، وأن مصر تستورد 12 مليون طن من القمح سنويا فى ظل نقص المياه!!

ولا يبدو فى الأفق انفراج واضح فى مفاوضات السد مع الجانب الإثيوبى حول أسلوب ملء خزان السد وفترة الملء، رغم اقتراب موعد الانتهاء من تشييده، ومن ثم اقتراب مشكلة ملء خزانه وما تحمله من آثار وخيمة للدخل المائى المصرى مع عدم التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإثيوبى يحمى حقوق مصر المائية!

ولعل من المفيد استعادة ما أكده د. رشدى سعيد «... الشىء الذى يصعب تصوره هو إمكان زيادة دخل مصر المائى فى المستقبل المنظور عن طريق إقامة المشروعات فى أعالى النيل ليس فقط لصعوبة التوصل إلى اتفاقيات مع دول الحوض التى هى فى حالة من التفكك والضعف لا تنبئ بأنها قادرة على القيام بأعمال كثيرة لصالح دول الحوض، بل لعدم وجود مشروعات كاملة الدراسة للتنفيذ المباشر ولارتفاع تكلفتها المنتظرة ارتفاعاً يجعلها غير اقتصادية على المدى الطويل»!!

وختاماً أتمنى أن يظل النيل ساحراً للغيوب وواهباً الخلدِ للزمانِ، وأن يحافظ المصريون عليه ليظل هو «النهر الخالد».

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النهر الخالد» رغم العجز المائى «النهر الخالد» رغم العجز المائى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon