توقيت القاهرة المحلي 10:59:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصلح ليس خيرًا!

  مصر اليوم -

الصلح ليس خيرًا

بقلم - فتحية الدخاخني

شاهدت صورة الاحتفال بالصلح مع سيدة مسيحية اعتدى عليها صيدلى بالضرب في المنوفية، لأنها غير محجبة، وترتدى تى شيرت (نص كم)، الصورة رغم أن الهدف منها إظهار حل المشكلة، وتراضى جميع الأطراف، إلا أن ملامح السيدة بالمقارنة بملامح الصيدلى الذي اعتدى عليها، تجعلك تشعر بما تضمنته الواقعة من قهر وظلم للسيدة، واعتداء على كرامتها، فهى تظهر منكسة الرأس، مغلوبة على أمرها، وكأن الصلح فُرض عليها، في حين يظهر الصيدلى المعتدى مبتسمًا، منتصرًا.

يقول المثل «الصلح خير»، لكن في مثل هذه القضايا لا أعتقد أنه خير أبدًا، إنه تكريس لتغييب دور القانون، والدولة المدنية، وهروب الجناة من العقاب، حيث تشكل جلسات الصلح العرفية قضاء موازيًا، يظهر كوسيلة لحل أي خلاف أو نزاع، يكون أحد طرفيه مسيحيًّا، فحتى لو لم تتدخل الكنيسة لعقد الصلح، بالشكل الذي حدث، فإن الأمر كان سينتهى في قسم الشرطة بالصلح أيضًا، لطول إجراءات التقاضى، ففى أي وقائع مماثلة يدفع القائمون على تنفيذ القانون أطراف الشكوى إلى الصلح كوسيلة لإنهاء الخلاف سريعًا، وهو ما حدث مؤخرًا في واقعة السيدة التي تعدت على فتيات في مترو الأنفاق بسبب ملابسهن، فرغم القبض عليها، والتحقيق معها، فإن المحضر أغلق بالصلح بين الطرفين.

تشجع جلسات ومحاضر الصلح على تكرار الاعتداءات والجرائم، وتمنح الجناة فرصة لفرض سلطتهم، وآرائهم بالقوة، في ظل غياب عقاب رادع، فأيًّا كان الفعل سيتم حسم المسألة بمحضر صلح، لا أعرف سنده القانونى، إلا أننى قرأت أن المادة 64 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على الصلح، ولكن في القضايا التجارية، وليس الجنائية.

في كل مرة تنتهى قضايا مماثلة بالصلح، يطفو على السطح سؤال مهم، وهو: أين حق الدولة؟، ألا يمكنها تحريك دعاوى ضد المعتدين، ومعاقبتهم لمنع تكرار هذه الأفعال؟، طبعا يمكن.. لكن هذا لا يحدث فالجهات المسؤولة عن تنفيذ القانون، عادة ما تكون شريكًا، ومحرضًا على إتمام الصلح، ففى تقرير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عام 2015، رصدت 45 حادثة اعتداء طائفى في الفترة الممتدة من بداية عام 2011 وحتى نهاية 2014، تم التعامل معها عن طريق الجلسات العرفية، وأشار التقرير إلى أن «الناس تلجأ لهذه الجلسات نتيجة ضعف مؤسسات الدولة، وعجزها عن القيام بوظيفتها في حماية السلم الاجتماعى، وحياة وممتلكات المواطنين».

تأتى أحكام الجلسات العرفية في بعض الأحيان مخالفة للدستور، فهى آلية ترسخ دورها على مدار سنوات للهروب من تنفيذ القانون، وفرض الحضور القبلى والعشائرى، لصالح الطرف الأقوى في النزاع، وتشكل هذه الجلسات واحدًا من أهم التحديات أمام إرساء قواعد الدولة المدنية، تتطلب مواجهته تفعيل إنفاذ القانون، ليصبح الوسيلة الوحيدة لحل النزاعات، مع إعلاء مبدأ المواطنة، التي تجعل كل المواطنين سواء أمام القانون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصلح ليس خيرًا الصلح ليس خيرًا



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon