بقلم - فتحية الدخاخني
منذ نشأة الفنون وهناك جدل حول دورها، هل مطلوب منها أن تلعب دورا تعليميا أو تثقيفيا أو تنمويا، أم تكتفى بالدور الترفيهى، لكن الجدل المستمر لم يمنع الفن على مدار التاريخ من أداء أدوار متعددة إلى جانب التسلية، من بينها التعبئة والحشد الشعبى فى أوقات كثيرة، والتوعية فى أحيان أكثر، مما أدى إلى اعتبارها إحدى القوى الرئيسية للدول، القوى الناعمة التى تفتح آفاقا عدة للدول وتمنحها مساحات تأثير شعبية لم تكن لتحصل عليها بقوة السلاح أو السياسة.
لكن للأسف أحيانا يكون الفن أحد العوامل الأساسية فى تراجع المجتمع، وتدهوره، بدلا من أن يساهم فى رفعته وتقدمه، فبينما روجت بعض الأعمال الدرامية فى فترات سابقة للمرأة العاملة وللمساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق، أصبحت النغمة السائدة الآن ذكورية، تروج لسيطرة الرجل، ومؤخرا حضرت عرضا مسرحيا للمخرج عمرو قابيل على مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية، تحت عنوان «مركب بلا صياد»، يكرس هذه النزعة الذكورية، وتقول إحدى بطلاته إن «المنزل بلا رجل هو منزل صامت بلا حياة»، منتقدة عمل المرأة فى مهن صعبة، وكأن دور المرأة هو رعاية المنزل والزوج فقط، فمركب الصيد لن يتحرك دون رجل، وامتلأ العرض بعبارات ذكورية، قد يكون الرد بأن النص إسبانى للمؤلف أليخاندرو كاسونا، لكن المخرج لم يقدم معالجة عصرية للحد من النزعة الذكورية، كما لم يقدم معالجة درامية جيدة تقرب العمل من المشاهد المصرى.
ليس هذا هو العمل الوحيد الذى يكرس لذلك اليوم فهناك الكثير من الأغنيات المنتشرة مؤخرا والتى تدعو لتراجع دور المرأة فى المجتمع وتفرض سيطرة الرجل، وسطوته على جميع مناحى الحياة.
ولم يتوقف الأمر عند هذه النزعة الذكورية التى ملأت الساحة الفنية مؤخرا بل اتجه الأمر إلى التشجيع على التحرش باستخدام الكثير من العبارات والألفاظ التى تتضمن تلميحات وإيحاءات جنسية تصل إلى حد التحرش اللفظى بشكل كوميدى ساخر، ولعل أبرز هذه الأعمال فجاجة ما حدث ويحدث فى برنامج المقالب الذى يقدمه رامز جلال تحت عنوان «رامز تحت الصفر»، الذى يغازل فيه بطلات مقالبه بصورة فجة ومبالغ فيها دون أدنى رقابة.
لا أدرى كيف ننادى بنهضة المجتمع وإعلاء شأن المرأة وتحقيق المساواة ووقف التحرش، ونحن نروج لكل ما هو عكس ذلك من خلال وسائل إعلام ودراما تغزو كل بيت مصرى، وتخترق عقول الأطفال والشباب، أين دور المجلس الأعلى للإعلام والمجلس القومى للمرأة والجهات التى تمطرنا يوميا ببيانات عن حقوق المرأة وحرية الإعلام؟.
للأسف أصبح الفن اليوم يرسل رسائل عكسية فيروج للبلطجة والتحرش عبر أبطال أعماله دون أى رقابة أو مسؤولية وسائل إعلام تسعى لمكاسب مالية على حساب المجتمع.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع