بقلم - فتحية الدخاخني
تُعتبر الأورام السرطانية آفة العصر، فهى سبب رئيسى للوفاة فى جميع أنحاء العالم، حيث تَسبب المرض اللعين فى وفاة 10 ملايين شخص تقريبًا فى عام 2020، بما يعادل وفاة واحدة تقريبًا من بين كل 6 وفيات، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، ولكن رغم ذلك فالأبحاث العلمية مستمرة فى محاولة للوصول إلى علاج، وبالفعل هناك بعض الأدوية التى قد تحسن من جودة حياة المرضى، وتُطيل أعمارهم.
وتُعد تكلفة العلاج إحدى المعضلات الرئيسية التى تواجه مرضى السرطان، فالعلاجات الحديثة والموجهة مرتفعة التكلفة، خاصة مع استيرادها من الخارج، من هنا تأتى أهمية توطين تكنولوجيا علاج الأورام السرطانية فى مصر، وهو ما أكده لى الدكتور هشام الغزالى، أستاذ علاج الأورام بجامعة عين شمس، بقوله: «أهمية توطين التكنولوجيا تكمن فى إتاحة الأدوية الحديثة للأورام السرطانية بأسعار أقل للمرضى، الذين يعانون بشكل كبير بسبب ارتفاع تكلفة العلاج»، مشيرًا إلى «جهود الدولة فى هذا المجال، والمفاوضات الجارية حاليًا مع شركات الأدوية العالمية لتوطين تكنولوجيا علاج الأورام».
يرى البعض أن مصطلح «توطين» غير دقيق، حيث يعود تاريخ صناعة الدواء فى مصر إلى عام 1936، ويوجد بمصر الآن حوالى 170 مصنعًا للأدوية، ويغطى التصنيع المحلى للأدوية ما نسبته 75% من احتياجات مصر، ويتم تصدير بعض الأدوية المصرية إلى الخارج، لكن الفكرة هنا فى استقطاب التكنولوجيا والأدوية الحديثة، التى ستوفر كثيرًا على المواطن والدولة، والأمثلة على ذلك كثيرة، آخرها توطين صناعة علاج فيروس كورونا، والتى أسهمت فى توفير 2 مليار دولار على الدولة خلال العامين الماضيين.
وتسعى مصر لتكون مركزًا إقليميًّا لصناعة الدواء، عبر إنشاء مدينة الدواء، التى تُعتبر كبرى المدن الدوائية على مستوى الشرق الأوسط، وبالتأكيد سيسهم توطين تكنولوجيا علاجات الأورام فى تحقيق ذلك، فكما يقول «الغزالى»: «مصر ستكون مركزًا لتصدير العلاجات الحديثة للأورام من خلال الاتفاقيات الجارى تنفيذها حاليًا فى هذا المجال».
المسألة لا تتوقف فحسب عند استقطاب التكنولوجيا الخارجية، بل تمتد أيضًا إلى الأبحاث العلمية فى الداخل، والتى تتطلب مزيدًا من الدعم المادى والقانونى والثقافى، فكثير من مرضى السرطان يعالجون فى المرحلة الثالثة من البحث العلمى الإكلينيكى، وأستشهد بكلمات الدكتور محمود المتينى، رئيس جامعة عين شمس، بدعوته إلى ضرورة تغيير النظرة الاجتماعية لموضوع التجارب السريرية، التى ترفضها بدعوى أن «المصريين ليسوا فئران تجارب»، مؤكدًا: «جميع دول العالم بما فى ذلك أمريكا وبريطانيا تسمح بإجراء التجارب السريرية على المرضى، فهذه التجارب هى السبيل لتوفير أدوية فعالة».
يحمل نقل وتوطين تكنولوجيا صناعة أدوية علاجات الأورام السرطانية أملًا جديدًا فى توفير العلاج للمرضى بتكلفة أقل، وهو ما يتطلب تضافر جميع الجهود لدعمها أملًا فى أن تصبح مصر مركزًا إقليميًّا لصناعة الأدوية بشكل عام، وأدوية السرطان بشكل خاص.