بقلم : نجيب صعب
لو اقتصر تقديم طبق «الهامبورغر» على المطاعم التقليدية، لبَقِي انتشاره محدوداً. لكن مطاعم الوجبات السريعة حول العالم جعلت «الهامبورغر» طبقاً شعبياً في متناول الجميع، بيسر وأسعار منافسة. والشيء نفسه ينطبق على منتجات متعددة، منها المفروشات، التي أصبحت في متناول مجموعات أوسع من الناس منذ بدأت شركات بتطوير تصاميم نمطية، تعتمد على قطع متفرّقة يمكن جمعها في البيت، بلا حاجة إلى عمّال فنيين. وهذا أتاح شراء السرير والكرسي والطاولة والكنبة والخزانة، ونقلها في صندوق السيارة على شكل قطع مفككة، ليصبح البيت جاهزاً خلال ساعات، بعد جمعها باستخدام قطع محدودة من العدّة، وغالباً قطعة واحدة، لشدّ البراغي فقط.
من كان يتصوّر أن شراء نظام كامل لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية سيصبح يوماً بسهولة شراء سرير؟ وماذا لو أمكن شراء الجهاز الشمسي من المحل نفسه الذي تشتري منه السرير والكرسي والطاولة؟ هذا الخيار تقدّمه اليوم أكبر سلسلة للمفروشات في العالم، بدأت تعرض في صالاتها ألواحاً شمسية لتوليد الكهرباء، يمكن شراؤها فوراً عن الرف مع جميع القطع اللازمة، وتركيبها على سطح البيت، باتّباع تعليمات سهلة. أما الزبائن الذين يفتقرون إلى أي خبرة فنية، ولا يستطيعون «استخدام اليد اليمنى»، كما يقول المثل، فتقدّم لهم الشركة خدمة التركيب لقاء بدل معقول، مع كفالة تصل إلى 25 سنة.
المرحلة التجريبية، التي انطلقت قبل سنوات في صالات مختارة في بريطانيا وهولندا وسويسرا، تتوسع الآن لتغطي كل أوروبا، تمهيداً لتقديم الخدمات الشمسية في مئات الصالات التي تديرها الشركة في أكثر من 52 بلداً حول العالم.
عادة يتم وصل الكهرباء المنتجة من ألواح شمسية موضوعة على سطوح المنازل إلى الشبكة العامة، ويتم إجراء الحساب مع شركة توزيع الكهرباء، وفق الفارق بين الإنتاج والاستهلاك، ومن دون حاجة إلى بطاريات تخزين. أما في حال الأنظمة الشمسية الفردية الجاهزة هذه، فالفكرة تقوم على إنتاج كهرباء واستخدامها ضمن المنزل أثناء سطوع الضوء، مع إمكان تخزين كمية في بطاريات خاصة، والاعتماد على الشبكة العامة في باقي الأوقات. لذا، يُنصح زبائن الألواح الشمسية المنزلية باستخدام الأدوات الكهربائية ذات الاستهلاك المرتفع خلال ساعات النهار، خصوصاً لحاجات الغسيل والكي والجلي وتكييف الهواء. ويمكن للنظام الشمسي المنزلي الجاهز أن يؤمّن بين 50 و70 في المائة من مصروف الكهرباء، إذا رافقه تبديل في نمط الاستهلاك. وتراوح كلفة أجهزة الطاقة الشمسية المنزلية المعلَّبة التي تعرضها شركة المفروشات حالياً بين 3000 و5000 دولار لكل مجموعة من ثمانية ألواح، بما فيها جميع القطع المطلوبة للتركيب والتشغيل.
اللافت أنه قبل أن تبدأ شركة «وجبات المفروشات السريعة» المعروفة «إيكيا»، بيع الأنظمة الشمسية للزبائن، ركّبت على سطوح صالاتها ومستودعاتها حول العالم ألواحاً شمسية لإنتاج الكهرباء، وهي أعلنت خلال قمة المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة في نيويورك هذا الشهر أنها ستصبح مكتفية ذاتياً في الكهرباء النظيفة سنة 2020. وفي القمة نفسها، أعلنت شركة «أمازون» أن مائة ألف سيارة كهربائية ستنضم إلى أسطولها سنة 2021 لتوصيل البضائع بأقل قدر من الانبعاثات.
وإلى الذين ما زالوا يشككون بقدرة الشمس على توفير إمدادات كهربائية مأمونة في المنطقة العربية، نذكر أن «جامعة البتراء» الأردنية، التي تضم أكثر من 8 آلاف طالب وأستاذ وموظف، حققت هذه السنة اكتفاءً ذاتياً بالكهرباء لجميع احتياجاتها، عن طريق توليد 3 ميغاواط من ألواح شمسية تم تركيبها على سطوح أبنيتها. وفوق هذا، فهي تبيع فائض الإنتاج إلى الشبكة العامة، وتتوقّع أن تسترجع قيمة الاستثمار خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
لا بد من أن يؤدّي اعتماد «وجبات الأجهزة الشمسية السريعة» في صالات أكبر سلسلة للمفروشات الجاهزة في العالم إلى تغيير قواعد اللعبة. وستتحول هذه الأجهزة قريباً إلى منتجات شعبية تكون في متناول الجميع.
عندما تذهب في المرة التالية لشراء سرير أو طاولة أو كرسي في بلدك، قد تجد في إحدى الزوايا جهازاً شمسياً لتوليد الكهرباء، يمكنك أن تأخذه عن الرف وتضيفه إلى المشتريات في العربة.