بقلم - نبيل نجم الدين
بعد ثلاثة أيام من الاجتماعات، اختُتمت في 27 تموز (يوليو) الماضي قمة «بريكس» العاشرة أعمالها تحت شعار «BRICS في أفريقيا»، في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا العضو الخامس في هذا التحالف. يعيش في دول تحالف «بريكس» الخمس ما يقرب من نصف سكان العالم، ويوازي الناتج الإجمالي المحلي للدول مجتمعة 13.6 تريليون دولار، أي ما يعادل الناتج القومي للولايات المتحدة الأميركية، ويبلغ مجموع احتياط النقد الأجنبي فيها 4 تريليونات دولار. تحالف «بريكس» هو منظمة سياسية تم تأسيسها عام 2006 من خلال أربع دول تتشابه في اقتصاداتها الصاعدة وهي البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، ثم انضمت جنوب أفريقيا في أواخر 2010، ليصبح اسمها «بريكس BRICS». وحظي تحالف «بريكس» باهتمام عالمي كاسح منذ تأسيسه؛ إذ تشير تقارير إلى أن نسبة مساهماته في معدل نمو الاقتصاد العالمي تجاوزت 50 في المئة. ومن أهم أهدافه المعلنة، كسر الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي، وإصلاح منظومتي البنك وصندوق النقد الدوليين، وتشجيع التعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي بين دول التحالف، وأن تكون «بريكس» آلية نموذجية للتعاون الدولي في شتى المجالات الاقتصادية والمالية والإنمائية. وربما كانت هناك أهداف أخرى. يعتمد التعاون بين أعضاء التحالف على ثلاثة مسارات للتفاعل، المسار الأول هو المشاركة والتنسيق الديبلوماسي بين الأعضاء، المسار الثاني يركز على التفاعل مع الأحداث الدولية، المسار الثالث هو تشجيع مشاركة منظمات المجتمع المدني في دول «بريكس» في المحافل الشعبية الدولية. وأسس التحالف عام 2014 مصرفاً وصندوقاً للتنمية واحتياطات الطوارئ برأسمال مبدئي يبلغ 100 بليون دولار، لتكون مدينة شنغهاي مقراً له.
وتركز دول «بريكس» على تطوير التعاون في مجالات الثورة الصناعية الرابعة، الثورة الرقمية، وزيادة تعظيم تراكم الثروة، والإسراع بمعدلات التنمية وبناء الأمة، وكذلك الزيادة التدرجية في التعاون الاقتصادي بين أعضاء التحالف، وتعزيز اتفاقيات التجارة والاستثمار وتطويرها، بغرض تقليل معدلات الفقر، وتعظيم معايير المساواة الاجتماعية، وخلق المزيد من الوظائف.
وليس من قبيل الذكاء إدراك أن الصين؛ التنين الأصفر المسيطر والمتقدم في المجالات كافة، هي القوة الفاعلة في هذا التحالف الذي ينمو بالنمط ذاته الذي تنمو وتتصاعد به قوة الصين. وليس من قبيل المصادفة أن يسبق تأسيس «منتدى التعاون العربي - الصيني» عام 2004؛ تأسيس «بريكس». ولا يجب التغافل عن حجم الشراكة التجارية بين الصين من جانب، والدول العربية من جانب آخر، والتي وصلت في النصف الأول من عام 2018 إلى ما يقرب من 200 بليون دولار.
كما لا يجب التغافل عن الشراكة الاستراتيجية التنموية الهائلة التي وقعتها كل من الصين ودولة الكويت في أوائل تموز (يوليو) الماضي، فالميراث الحضاري قديم وعميق وكبير في العلاقات العربية - الصينية قِدَم طريقي الحرير البحري والبري واللذين ساهما في التواصل بين الطرفين منذ القدم.
فهل ما سبق وغيره يمهدان ويقودان إلى انضمام دولة أو عدد من الدول العربية إلى تحالف «بريكس»؟ وما الضرورة الزمانية والوجودية والاستراتيجية لمثل تطور كهذا؟ هل الدول العربية في حاجة إلى تحالف كهذا أم إن العرب غير مستعدين، أو غير قادرين على اتخاذ مثل هذه الخطوة الاستراتيجية؟ أسئلة منطقية في غاية الأهمية تطرح نفسها وتنتظر إجابات، أو حتى اجتهادات.
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع