توقيت القاهرة المحلي 09:03:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طه حسين.. النور الدائم

  مصر اليوم -

طه حسين النور الدائم

بقلم - جمال الكشكي

هذه الأيام، تمر الذكرى الخمسون على رحيل واحد من أهم العقول المصرية والعربية، في تاريخ التنوير.

رجل ترك بصمة - لا تخطئها عين التاريخ ـ على الآفاق، الثقافية والإبداعية.

أتحدث عن الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، الذي جاء من المستقبل ليضيء لنا كل هذه الدنيا، بثقافاته وعلومه، بات ملهماً لكل شعوب العالم، قهر الظلام، وصاغ مؤلفه الأهم «مستقبل الثقافة في مصر».. تجاربه فاضت على كل مؤرخي ومثقفي العالم، لدرجة أنه صار جزءاً أصيلاً من النسيج الثقافي الذي أنتجه العالم خلال حقبته، التي امتدت قرابة القرن.

منذ ولادته كان مختلفاً عن كل إخوته الأشقاء الاثنى عشر، لم يولد كفيفاً، لكن محيط المجتمع المصاب بأمراض، أصاب بسهمه في عينيه ليعيش وحده مع ذاكرته مع عالمه الجوّاني، مع خيالاته مع الألوان، قرر أن يقهر العزلة، وأصبح العالم مرئياً أمام قدميه، وهنا أتذكر ما قاله الشاعر العربي الكبير نزار قباني في رثائه: «ارمِ نظارتيْكَ ما أنتَ أعمى.. إنما نحن جوقةُ العميانِ».

لم يكن عميد الأدب العربي عقلاً عادياً، فرحلته التراجيدية لا تقل عن روايات الملاحم اليونانية المأساوية، كالإلياذة، والأوديسة، وقد خبرها طه حسين بالقراءة الفاحصة والمعرفة الدقيقة، واستلهمها في حياته، وألهمها لطلابه في الجامعة، ولا تزال بصماته حاضرة في مدرجات كل جامعات العالم التي حاضر فيها، ولدى تلاميذه الذين ساروا في الدرب نفسه، وفي كل مدينة عربية، يوجد له دليل من هؤلاء التلاميذ.

نعم، طه حسين كان قولاً وفعلاً، حلم بالثقافة لجميع الناس، وآمن بأن التعليم كالماء والهواء، كان هذا هو القول، أما الفعل، فإنه نفّذ كل قولٍ وكل كتابةٍ واقعياً حين صار وزيراً للمعارف، هذا غير أنه صاغ مؤسسات، وحقق تراثاً ما كان لغيره أن يفعله.

كان طه حسين فخراً للثقافة العربية والإسلامية في قلب مراكز الثقافة العالمية، كان صديقاً ومحاوراً لكبار مثقفي عصره، في إيطاليا وفرنسا واليونان وإسبانيا، جعل الثقافة العربية تحتل مقعداً وثيراً بين مقاعد الكبار في عواصم العالم.

شاء القدر أن يولد طه حسين في العام 1889، ذلك العام الذي ولد فيه اثنان من عمالقة الأدب هما؛ عباس محمود العقاد، ومصطفى صادق الرافعي، وكثيراً ما ترد على الذهن العام المقارنة بين العقاد وبين طه حسين، ولد في صعيد مصر، كما العقاد تماماً، وكلاهما حاول أن يجعل من الثقافة جسراً إلى الحضارة، فإذا كان عميد الأدب العربي، فقد بصره في الرابعة من عمره، فإن العقاد أيضاً لم يقضِ سوى سنوات أربع في التعليم، لكن الاثنيْن قفزا عالياً فوق سور المحنة، وأشعلا قنديلاً ينير ظلام الجهل.

وسط هذه الرحلة والمسيرة الزاهرة العامرة بالنجاحات، لا بد أن أتوقف، أما شريكة عُمره التي غيّرت حياته، وكانت ضوء عينيه، ففي تلك الأعوام كان قد تزوّج من سوزان بريسو، الفرنسية سويسرية الجنسية، التي ساعدته على الاطلاع أكثر فأكثر باللغتين، الفرنسية واللاتينية، فتمكن من الثقافة الغربية إلى حدٍّ بعيد.

كان لهذه السيدة عظيم الأثر في حياته، فقامت له بدور القارئ، فقرأت عليهِ الكثير من المراجع، وأمدته بالكتب التي تمت كتابتها بطريقة «برايل»، حتى تساعده على القراءة بنفسه، كما كانت الزوجة والصديق الذي دفعه للتقدم دائماً، وقد أحبها طه حسين حباً جماً، ومما قاله فيها؛ «إنه منذ أن سمع صوتها لم يعرف قلبه الألم».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طه حسين النور الدائم طه حسين النور الدائم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon