توقيت القاهرة المحلي 12:25:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نتنياهو... استيفاء شروط الرحيل

  مصر اليوم -

نتنياهو استيفاء شروط الرحيل

بقلم - جمال الكشكي

جرائمه فاقت كل الجرائم التي ارتكبها نظراؤه منذ بن غوريون حتى اليوم. خلافاته تقاطعت مع الجميع، احترف لغة الدماء، وحرق كل المسافات مع الآخرين. حقق رقماً قياسياً في التظاهرات التي خرجت ضده.

بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، بذل جهداً كبيراً في تكريس مسيرة حافلة بالفشل، صاحب الحلم بمكان تحت الشمس، بات يقيم في الظلام. طاردته كوابيس اغتيال إسحاق رابين، فلم يستطع الإفلات من دوائر الشر المستطير. ظن أنه سيكتب منهج الصعود بإسرائيل، فرسب في كل الاختبارات، بما فيها الاختبارات الخاصة بالحلفاء، في لحظات الغيبوبة الاستراتيجية، اعتقد أن بمقدوره التحليق بأوهامه من دون دعم حلفائه في الداخل والخارج.

يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، لم يكن سوى حد فاصل في مسيرته المتوترة. الضربة صادمة، اختل توازنه التكتيكي والاستراتيجي، ارتدى ملابسه السود، وذهب وسط جنوده، ينقب عن المجهول، ليضمن بقاءه، ويحفظ ماء وجهه أمام مشجعيه من المتطرفين. أدمن إراقة مزيد من الدماء، لتحصين وجوده أطول فترة ممكنة؛ لكنه لم يدرك أن تل أبيب في عهده تعرضت لخسائر سياسية، واقتصادية، واجتماعية، غير مسبوقة.

كلما حاول تجميل صورته، عاجلته واقعية الجروح المأساوية، والتشوهات على وجه إسرائيل. فعلياً بات نتنياهو عبئاً ثقيلاً على مستقبل تل أبيب، في الوقت الذي يراوده فيه خيال البقاء، هناك اتفاق عام على أنه استوفى شروط الرحيل.

على المستوى الداخلي، باتت إسرائيل على المحك لأسباب كثيرة، في مقدمها حدوث شروخ وانقسامات وتشظيات في جدار البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن تل أبيب تعاني أزمة حكم وليس أزمة حكومة. الشاهد أنه خلال العامين الماضيين، نرى إسرائيل تتأرجح بين النخب السياسية التي لم تستطع أن تحسم انتخابات واحدة، من إجمالي 5 انتخابات في تلك الفترة، الأمر الذي يعني عدم وجود قوة سياسية صلبة داخل المجتمع الإسرائيلي، ويتجلى ذلك بقوة في الانقسامات العنيفة في اجتماعات مجلس الحرب، والخلاف بين الدينيين والعلمانيين حول مسألة التجنيد. فالدينيون يرفضون التجنيد، والعلمانيون يرغبون في مشاركة الجميع بالجيش، فضلاً عن الخلاف الذي يتسع بسبب الأسرى لدى حركة «حماس»، فالبعض يريد استعادتهم بالقوة، والبعض الآخر -خصوصاً الأجهزة الأمنية الإسرائيلية- ترى استعادتهم عبر التفاوض.

كما أن هناك أزمة كبرى تتعلق بنحو 150 ألف إسرائيلي، نزحوا من غلاف غزة وشمال إسرائيل عند حدود جنوب لبنان، يعيشون في الفنادق، ويشكلون عبئاً كبيراً على الميزانية الإسرائيلية، فهناك وجهات نظر منقسمة بين ضرورة عودتهم إلى أماكنهم، وبين وجهات نظر أخرى ترى تأجيل هذه الخطوة إلى ما بعد هذه الحرب.

كل هذا الزخم من التداعيات والانقسامات داخل الدولة الإسرائيلية، قاد إلى طرح مسألة تغيير رئيس الحكومة أثناء الحرب، الأمر الذي ضاعف الضغوط على نتنياهو، وعلى شركائه المتطرفين في الحكومة، في حين أن الجناح الآخر في الحكومة لا يمانع اتخاذ قرار التغيير وقت الحرب.

الغيوم السياسية في الداخل الإسرائيلي تحجب الرؤية عن تفاعلات الخارج، فالصورة النمطية لإسرائيل في العالم اهتزت بقوة، بفعل ارتكاب المجازر الوحشية، وسياسة التجويع، واستمرار آلة الحرب على قطاع غزة.

ضاعف هذا الاهتزاز مثول إسرائيل كمتهم أمام محكمة العدل الدولية، وإدانتها أكثر من مرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا الحصار الدولي والعالمي لم يحدث بهذه الكثافة مع أي رئيس وزراء إسرائيلي آخر.

إذن، كل الطرق أمام نتنياهو تفضي إلى نهاية محققة، سواء أكان ذلك على مستوى الداخل الإسرائيلي أم المجتمع الدولي. هناك تطور دبلوماسي غير مسبوق لاحظناه في قيام أميركا بدعوة بيني غانتس، عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، إلى زيارة واشنطن، وعقد لقاء مع نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، من دون تنسيق مع نتنياهو. وهذه الخطوة بمثابة رسالة بعلم الوصول تقول: إن واشنطن فقدت الثقة والأمل في بقاء نتنياهو، وتبحث عن بديل يتوافق مع رؤيتها لمرحلة إنهاء الحرب. وأيضاً لمرحلة متابعة الحرب، وبالتالي هنا يخسر نتنياهو أهم أوراقه الخارجية مع أكبر حليف لإسرائيل؛ فضلاً عن أن ثمة انشقاقات، ربما تتسع في قادم الأيام بين المتنافسين على الحكم داخل إسرائيل؛ لا سيما أن الرأي العام الداخلي بات لديه شعور بأن مستقبله في الطريق إلى مزيد من الارتباكات والتعقيدات التي تلاحق الاقتصاد الإسرائيلي، بالإضافة إلى الشروخ الاجتماعية التي أحدثها غياب قدرة الحكومة المتطرفة على إعادة الأسرى، وهو الأمر الذي زاد منسوب الغضب وعدم اليقين في ظل بقاء نتنياهو.

أخيراً أقول: إن نتنياهو استوفى شروط الرحيل، داخلياً وخارجياً، ولم يبقَ سوى بضعة متطرفين، وهؤلاء أيضاً مستعدون للتخلي عنه في أقرب مفترق طرق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو استيفاء شروط الرحيل نتنياهو استيفاء شروط الرحيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon