بقلم - توماس جورجيسيان
مع انتهاء جولة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكى وكبير مستشاريه فى دول المنطقة، وكانت محطتها الأخيرة إسرائيل تم نشر حوار كوشنر مع صحيفة القدس الفلسطينية. فى هذا الحوار يشرح ويوضح كوشنر تصوراته للنزاع القائم وأيضا طروحاته لما وصفه بـ«خطة سلام» قاربت الإدارة الأمريكية على الانتهاء منها ـ حسب تعبيره ويتم طرحها «قريبا».. حتى لو لم ترها القيادة الفلسطينية التى رفضت اللقاء به والتواصل معه.
القراءة الأمريكية الأولية للحديث ذكرت أن كوشنر انتقد محمود عباس الرئيس الفلسطينى وتخوفه من تحقيق السلام مع إسرائيل. وأنه (حسب كلام كوشنر) يتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع فى غزة وأنه يعطى الأولوية لبقائه السياسى على حساب متطلبات شعبه. كما توقفت الصحف الأمريكية أمام ما قاله كوشنر بأن الوقت قد حان لكى تتوقف السلطة الفلسطينية وحماس عن «استخدام سكان غزة كرهن»، وكيف أن كوشنر رحب بفكرة إجراء الاستفتاء على خطة السلام كطريقة لتجاوز معارضة القيادات لها فى كل من غزة والضفة، ذاكرا أن هذا شىء يجب على القيادات فى المكانين الأخذ فى الاعتبار فعله. كما أن صهر الرئيس وصاحب صفقة القرن خاطب الفلسطينيين فى إحدى إجاباته قائلا: «لا تدع قيادتك ترفض خطة لم ترها.. إن العالم يتحرك إلى الأمام وأنتم قد تم ترككم فى الخلف»، مضيفا: «لا تسمح أن يحدد نزاع جدك مصير مستقبل أطفالك».
وقد حرص البيت الأبيض على توزيع النص الكامل للحوار بالإنجليزية على أساس أن هذا ما قاله كوشنر بالنص، وبالتالى ليس هناك مجال للتحوير أو التأويل أو لخطأ يحدث فى الترجمة (عمدا كان أم سهوا) يزيد من الجدل المحتمل والمنتظر حول ما قاله ولم يقله كوشنر، فى حواره الموجه تحديدا للفلسطينيين وأيضا للعرب فى المنطقة. جولة كوشنر ـ كان بصحبته جيسون جرينبلات مبعوث الرئيس الأمريكى للمفاوضات الدولية ـ اتسمت بشكل عام بعدم إعطاء التصريحات أو التحدث عن مضمون المباحثات. لذلك جاء الحوار بأفكار كوشنر الصادمة ليفتح الأبواب أمام طبيعة التحرك الأمريكى بقيادة كوشنر وآليات التفاوض أو الاتفاق حول الملفات المطروحة.. خاصة أن كوشنر فى حواره نوه بأن الصفقة الفعلية ستكون بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أما الخطة الاقتصادية كجزء منها ستكون فيها استثمارات ضخمة تمتد للشعبين الأردنى والمصرى، على السواء.
كما تأتى زيارة العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى لواشنطن ولقائه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى البيت الأبيض، أمس الاثنين، لتطرح على الساحة الأمريكية العديد من الأسئلة الصعبة والتكهنات المتباينة حول الدور المنتظر أو المطلوب أمريكيا من العاهل الأردنى فيما يخص الملفات الشائكة الخاصة بالفلسطينيين ومنها ملف اللاجئين وحق العودة وأيضا مستقبل القدس وحماية الأماكن المقدسة بها. وكان العاهل الأردنى بصحبة مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى، فى غداء عمل عقد يوم الجمعة الماضى.
ولا شك أن تسليط الأضواء على كوشنر ونفوذه فى واشنطن وعواصم العالم صار أمرا معتادا فى العاصمة الأمريكية. وذكر فى هذا الصدد أن كوشنر وبعد مواجهات حادة حدثت بينه وبين القيادات الفلسطينية منذ أن بدأ مهمته المستحيلة، أبلغ الفلسطينيين «إذا كنتم تريدون العمل معنا اعملوا معنا. وادا كنتم لا تريدون أن تعملوا معنا فنحن لن نقوم بمطاردتكم ( لكى تعملوا معنا)». وقد ذكر هذا فى تقرير مطول نشرته مجلة «نيويوركر» مؤخرا. وأشار التقرير أيضا إلى حوار بين كوشنر وصائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين. قال الأخير فى لحظة ما بأنه يشعر بأنه يتعامل مع سماسرة عقارات وليس مسؤولين بالبيت الأبيض. فجاء رد كوشنر قاطعا: «يا صائب أنت لم تصنع السلام مع السياسيين. ربما أنت الآن فى حاجة إلى سمسار عقارات!».
إن الشهور المقبلة حبلى بالمفاجآت والصدمات.. والصفقات!!.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع