توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنور عبدالملك.. استعادة التاريخ

  مصر اليوم -

أنور عبدالملك استعادة التاريخ

بقلم - حمزة قناوي

إذا كانَ لأمةٍ أن تستنهِضَ أفكار روادِها الطليعيين وممثلى قاطرة نهوضِها فى فترات تراجعها الحضارى أو مواجهة أزماتهِا وما يتهدَّدها وجوديًا، ففى ظَنِّى أن على مصر فى هذه الأيام تحديدًا، التى تسعى فيها إلى استعادة دورها الحضارى وريادتها «المنطقية» بحكم التاريخ للمنطقةِ وللأمة، أن تستحضِرَ وجوهَ شخصياتٍ وطنيةٍ آمَنَت بمصر، واستطاعت تحليلَ وتَعميقَ مَفهوم «الهويةِ» المصرية.

من أبرز الوجوه التى تستحضرها اللحظة بما تحمله من قدريةٍ تصل إلى حدِّ الضرورةِ، وجهُ وصوتُ العالِم المصرى الراحل أنور عبدالملك، هذا المفكر المصرى الذى كتبت عنه يومًا إحدى الصحف الفرنسية أنه يقوم لمصر فى الخارج بنفس الدور الذى يلعبه «هيكل» فى الداخل، مُعرِّفًا بدور مصر الريادى وحضارتها الضاربة فى القِدم، وربط ذلك التاريخ بخطٍّ متواصلٍ من النضال والفكر والعمل والاتساق التاريخى مع الهُويَّةِ فى مساراتٍ متعددةٍ سارَ فيها معًا فى العمل الأكاديمى أستاذًا بجامعة السوربون ونائبًا للاتحاد الدولى لعلم الاجتماع، بالتوازى مع العمل الصحفى، يكتب فى صحف فرنسا واليابان، وقبلهما مصر (الأهرام والوفد والهلال.. وغيرها).. لقد آمن المفكر الكبير الراحل بفكرة تبدُّل العالم وتحوُّلِهِ من ثنائية المعسكرين المتصارعين يومًا «الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتى، ووريثها اللاحق- روسيا» إلى تعددية الأقطاب، وظهور مراكز ثقل حضارى وجيواستراتيجى فى عواصم موزعة على قارات العالم «خاصة آسيا»، ستستأثِرُ بالنصيب الأكبر من مركزية القرار، وقد تحققت رؤيته- مكتملةً- بعد رحيله، رحمه الله، منذ ستّ سنوات

كان يرانى غير مستوعبٍ كل ما يقول، فيستطرد: إن مصر استطاعت بتمسكها بجوهرها الحضارى أن تعزز هويتها المنتمية جذورًا وأصولًا إلى الحضارة الفرعونية.

إن مصر أكبر من أن تدخل فى كمونٍ غير فاعلٍ أو تقيد كل قدراتها الهائلة وتغرق فى مساحتها الداخلية ناسيةً العالم (وهو الوصف الذى شخَّص به جمال حمدان واقع مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد التى جعلتها تنعزل عن محيطها، وتنكفئ على قضايا الداخل).

لقد كان أنور عبدالملك مؤمنًا بمصر إلى حدِّ يتبع الإيمان العقائدى مباشرةً، ويؤكّد لى أن «التاريخ الوطنى» يظلُّ كائنًا حيًا يجب استعادته عند الشدائد وفى المفترقات، وليس مجرد أحداث ومُدوَّنات تمُر فى ذاكرة الشعوب، وأن دور مصر كتبت جغرافيتها حتميته قبل أن يؤكِّده التاريخ، كما كان مؤمنًا بأن التاريخ نفسه قابل للمساءلة، مساءلة التنقيب عن المحطات المستعادة فيه مواجهات وتحديات وعبور، وقد مرَّت مصر بها جميعًا، ومازالت فى قلب امتحانِها.

إن مصر أحوج ما تكون هذه الأيام لاستعادة وجه أنور عبدالملك وأفكاره وإيمانه بها، خاصةً فى قدرتها على صناعة التاريخ والانتصار للبقاء والبناء فى مسيرة إنسانها وحضارته.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنور عبدالملك استعادة التاريخ أنور عبدالملك استعادة التاريخ



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon