توقيت القاهرة المحلي 11:11:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إحالة «الحارس العام» إلى التقاعد

  مصر اليوم -

إحالة «الحارس العام» إلى التقاعد

بقلم - محمد سعد عبدالحفيظ

بتعبير المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فإن «الصحافة هى الحارس العام على المجتمعات، وحرية الصحافة تلزمها حماية خاصة حتى تتمكن من أداء وظائفها، فى تقديم المعلومات والأفكار التى تهم الرأى العام».
وبنصوص مواد المواثيق والعهود الدولية المعنية بالحقوق المدنية والسياسية التى وقعت عليها مصر منذ عقود فإن «حرية التعبير هى حجر الأساس الذى يستند إليه النظام الديمقراطى ولا مفر منه لتشكيل الرأى العام».
ونصوص الدستور المصرى حظرت «فرض أى رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، إلا فى زَمن الحرب أو التعبئة العامة». وألزمت «الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية».
فى عام 1995 أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما أكدت فيه أن: «حرية التعبير وتفاعل الآراء التى تتولد عنها لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها أو من ناحية العقوبة اللاحقة التى تتوخى قمعها، بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها علانية تلك الأفكار التى تجول فى عقولهم، فلا يتهامسون بها سرا، بل يطرحونها جهرا ولو عارضتها السلطة العامة، فالحقائق لا يجوز إخفاؤها، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ إليها ممكنا فى غياب حرية التعبير».
فى مصر وضعت السلطة النصوص السالفة وغيرها من المواد المتعلقة بحرية الرأى والتعبير واستقلال الصحافة فى «ثلاجة الموتى»، وخلقت واقعا مأساويا يعكس مدى سخطها على «السلطة الرابعة»، وعبرت عنه فى أكثر من مناسبة. وترجمت السلطة هذا العداء من خلال عمليات منظمة لإخضاع غالبية المنصات الإعلامية.
لم تكتفِ سلطات الدولة بعمليات التأميم والإخضاع التى تتجاوز أطر القانون والدستور، فقررت تقنين ذلك عبر تشريع يصدره البرلمان فمرر «النواب» من حيث المبدأ قبل أيام قانون «تنظيم الصحافة والإعلام»، وأرسل إلى مجلس الدولة لمراجعته.
فلسفة القانون ودون الدخول فى تفاصيل المواد التى اعترضت عليها الجماعة الصحفية، تقضى بإعدام المهنة المريضة، وتسليم الجثمان إلى الأجيال القادمة لتتصرف فيه، فالمواد التى أدخلها المشرع على مشروع القانون الذى شارك فى إعداده نخبة من الصحفيين والقانونيين منهم الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب قبل ثلاث سنوات، جعلت من المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام «أخ كبير» رقيب، يمنع تداول مطبوعات ويسحب تراخيص مؤسسات ويحجب مواقع الكترونية عامة وشخصية، دون تحقيق أو سماع لحجج الطرف الآخر، وذلك بالمخالفة للدستور والمواثيق والعهود الدولية التى وقعت عليها مصر.
القانون أعاد الحبس الاحتياطى فى قضايا النشر، وتوسع فى استخدام عبارات مطاطة مثل مقتضيات الأمن القومى ومعاداة الديمقراطية والتحريض على مخالفة القانون.. إلخ، والتى لا يوجد لها تفسير محدد وواضح فى أى قانون بما يفتح الباب أمام النيل من حرية الصحافة.
وأخضع المشرع البرلمانى بهذا القانون مؤسسات الصحافة القومية المستقلة والمملوكة للشعب بنص الدستور لسيطرة رجل واحد هو رئيس «الوطنية للصحافة» المعين من قبل رئيس السلطة التنفيذية، فجعل منه رئيسا للجمعيات العمومية لصحف مصر القومية، وقلص عدد الصحفيين فى الجمعيات العمومية. ومهد لخصخصة وتصفية المؤسسات القومية.
أخير أذكر نفسى وباقى أعضاء مجلس نقابة الصحفيين والجمعية العمومية، إن تمرير هذا القانون دون وقفة جادة سيقضى على ما تبقى من هذه المهنة، وأعيدهم إلى معركة القانون 93 لسنة 1995، الذى ناضلت الجمعية العمومية ومجلس النقابة شهورا طويلة حتى تمكنت من إسقاطه.
وعلى السادة نواب الشعب أن يعيدوا النظر فيما شرعوا فيه، فالصحافة يا سادة هى عينكم وعين الشعب على السلطة التنفيذية، وانتصاركم لاستقلالها هو انتصار للجماهير التى أجلستكم على مقاعدكم

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إحالة «الحارس العام» إلى التقاعد إحالة «الحارس العام» إلى التقاعد



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:11 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
  مصر اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 11:23 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
  مصر اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة
  مصر اليوم - الجيش السوري يعلن وصول تعزيزات كبيرة لمدينة حماة

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
  مصر اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
  مصر اليوم - الكشف عن قائمة بي بي سي لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 23:04 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يحرز الهدف الأول لليوفي في الدقيقة 13 ضد برشلونة

GMT 06:59 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تونس تتأهل إلى نهائيات "أمم أفريقيا" رغم التعادل مع تنزانيا

GMT 05:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

موضة ألوان ديكورات المنازل لخريف وشتاء 2021

GMT 09:41 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسن يعلن قائمة الاتحاد السكندري لمواجهة أسوان

GMT 03:51 2020 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية للمناورة ”ردع - 2020”

GMT 04:56 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

فنادق تعكس جمال سيدني الأسترالية اكتشفها بنفسك

GMT 23:44 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين

GMT 11:46 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

جوارديولا يهنئ ليفربول بـ كأس الدوري الإنجليزي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon