بقلم :محمد سعد عبدالحفيظ
حقيقة لم أقتنع بخطاب معظم من خرجوا علينا سواء فى البرامج الفضائية أو تحت قبة البرلمان للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، فذات الوجوه تبارت فى اتهام شخصيات معارضة بالخيانة والتآمر على الدولة واستقرارها لمجرد طرحها نفس المطالب التى يطرحها هؤلاء أو لنقدها بعض القرارات والقوانين والإجراءات.
مع ذلك وبما أن بعض الإعلاميين والنواب بادروا ودعوا إلى مراجعة أخطاء الحكومة خلال السنوات الماضية، فسأمضى معهم وأضم صوتى إلى صوتهم وأطالب بما أعتبره خطوة أولى للإصلاح والمراجعة والتى قد تمثل بادرة يمكن بعدها فتح حوار جاد حول باقى الخطوات.
لا أظن أن هناك سبيلا لتخفيف الاحتقان وتفكيك الغضب فى حين لا يزال فى السجون أصحاب الرأى من صحفيين وقادة أحزاب مدنية وشباب لم يثبت عليهم استخدام العنف أو التحريض عليه بأى شكل من الأشكال، فمعظم من تم القبض عليهم قبل 20 سبتمبر وبعدها توقف سقف مطالبهم عند الدعوة إلى رفع الحصار على الأحزاب والإعلام، وتهيئة الأجواء لإجراء انتخابات برلمانية تنافسية العام المقبل، وبالتالى وجودهم داخل السجون بتهم مشاركة جماعة إرهابية أو إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى أو نشر أخبار كاذبة لا محل له من الإعراب.
الأسبوع الماضى اعتبرت وزارة الخارجية المصرية أن مطالبة ميشيل باشيليت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة للسلطات المصرية باحترام الحق فى حرية التعبير والتجمع السلمى بما يتوافق مع القواعد والمعايير الدولية توافقا كاملا، «افتراضات وتوقعات بهدف الترويج لانطباعات منافية للواقع وحقيقة الأمور».
ووفق بيان رسمى صادر عن الخارجية فإن حديث المفوضية الأممية عن اعتقالات لمحامين ومدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيين وصحفيين، لا يعدو كونه مغالطات وادعاءات مبنية على فرضيات خاطئة.
وأنه لا يوجد فى مصر من يتم القبض عليه أو محاكمته بسبب ممارسته نشاطا مشروعا أو لتوجيهه انتقادات ضد الحكومة المصرية، وإنما لاقترافه جرائم يعاقب عليها القانون.
لن أشكك فى بيان الخارجية وسأعتبر معها أن حديث باشيليت مبنى على فرضيات خاطئة، لكن أود أن اذكر من موقعى كعضو مجلس نقابة الصحفيين أن قوات الأمن ألقت القبض خلال تلك الأحداث وقبلها على زملاء أعضاء بالجمعية العمومية للنقابة فقط بسبب مواقفهم وآرائهم الشخصية وتم الزج بهم فى السجون بعد اتهامهم بأنه يشاركون جماعة إرهابية فى تحقيق أهدافها.
أذكر السادة المطالبين بالإصلاح أن الزميلين حسام مؤنس وهشام فؤاد تم القبض عليهما مع البرلمانى السابق زياد العليمى وآخرين قبل 3 شهور فقط؛ لأنهم ناقشوا مع أعضاء أحزاب مدنية ونواب برلمانيين المشاركة فى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
أذكر هؤلاء أن زميلنا خالد داود الصحفى بـ«الأهرام» ألقى القبض عليه فقط لأنه وقع على بيان يطالب فيه السلطة بالوقوف على أسباب غضب الناس، ويدعو إلى فتح المجال العام ورفع الوصاية عن الأحزاب السياسية. داود لم يدع إلى ثورة أو انقلاب بالعكس فقد رفض الانجرار خلف دعوات المقاول محمد على وأعلن ذلك صراحة فى أكثر من موضع.
أذكرهم أيضا أن زميلنا عادل صبرى قضى فى السجن أكثر من عام ونصف ولا نعرف السبب الحقيقى فى حبس الصحفى الوفدى.
أذكرهم أن زميلنا ناصر عبدالحفيظ المؤيد والداعم للنظام وللرئيس بحسب ما أعلن كلما التقيناه، أو بحسب ما كتبه على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعى، تم القبض عليه من الشارع ولم يشفع له تأييده أو خلافه مع أصدقائه المعارضين.
الحالات أكثر من أن تستوعبها مساحة هذه الزاوية، فالحكومة تعلم جيدا أن كل من تم القبض عليهم من أعضاء الأحزاب المدنية أو من أصحاب رأى، ليس لهم أى علاقة بجماعات إرهابية، وأن معارضتهم للسلطة وإجراءاتها لوجه الله والوطن، وأن ما يطالبون به منذ سنوات هو ما يطرحه السادة أصحاب دعوات المراجعة والإصلاح هذه الأيام.
أخيرا إن أردتم بهذا الوطن خيرا أو أدركتم حجم الاحتقان والغضب فى نفوس الجماهير، فعليكم بالمراجعة الحقيقية، وأول خطوة فى طريق المراجعة والإصلاح هى الإفراج عن المسجونين ممن لم يمارسوا العنف أو يحرضوا عليه، يعقب ذلك خطوات نطرحها تباعا فى مقالات مقبلة.