توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصحافة الأمريكية وترامب

  مصر اليوم -

الصحافة الأمريكية وترامب

بقلم - محمد سعد عبدالحفيظ

على مدى أسابيع تناقلت صحف أمريكية أخبارا ومعلومات، استهدفت بشكل مباشر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.. فضحت نزواته وجهله وتعريضه للأمن القومى الأمريكى للخطر.. افشت أسراره وفضائحه الجنسية.. نقلت تعمد مساعديه تجاهل تكليفاته وتعليماته الكارثية.. باختصار قدمت الصحافة ترامب للرأى العام الأمريكى عاريا بدون أى مساحيق.

منذ وصوله إلى البيت الأبيض قبل 3 أعوام، استعدى ترامب الصحافة، تعامل معها باعتبارها «عدو الشعب»، واتهم الصحفيين الذين يعارضون وجهة نظره بأنهم ينقلون «أخبار كاذبة»، قابلت الصحافة ذلك بمزيد من الإصرار على استكمال دورها فى إخبار الناس بما يدور فى كواليس الإدارة الأمريكية، لم تتوقف يوما عن انتقادها للرئيس «الجاهل».

بالرغم من هجوم ترامب على الصحافة الأمريكية، إلا أننا لم نسمع يوما عن اعتقال صحفى وإحالته إلى جهات التحقيق بتهمة نشر خبر كاذب فضح سيد البيت الأبيض أمام الرأى العام، ولم تنقل لنا وكالات الأنباء أخبارا عن غلق صحفية أو حجب موقع إخبارى شارك فى حملة استهدفت الرجل الأقوى فى العالم، ولم يلاحق صحفى بتهمة إثارة البلبلة أو نقل إشاعات كاذبة.

صعد ترامب من انتقاده للصحافة فتوحدت الصحف لمواجهة محاولاته لتقويض حرية الرأى والتعبير، ونظمت صحيفة «بوسطن جلوب» قبل شهر حملة شملت نشر افتتاحيات فى أكثر من 350 صحيفة بعنوان «الصحفيون ليسوا أعداء لأحد».

قالت الافتتاحية: «إن عظمة أمريكا تعتمد على دور الصحافة الحرة فى قول الحقيقة لأصحاب النفوذ.. ووصم الصحافة بأنها عدو الشعب هو أمر غير أمريكى، إذ يشكل خطرا على الميثاق المدنى الذى نشترك فيه منذ أكثر من قرنين من الزمان».

ترامب رد على الحملة قائلا: «وسائل الإعلام التى تبث الأخبار الكاذبة هى حزب المعارضة»، مشيرا إلى أن أغلب ما تنشره مدفوع بـ«أجندة سياسية».

بعد تلك الحملة، بدأت صحيفة «واشنطن بوست» فى نشر مقتطفات من كتاب الصحفى الأمريكى المخضرم بوب وودورد، «الخوف».. الكتاب فضح «رعونة الرئيس الأمريكى»، ونقل عن مساعديه، وصفهم له بأنه «أحمق وكاذب»، وأشار بعضهم إلى أنه يتجاهل أحيانا تعليماته الخطرة.

وبعد أيام نشرت «نيويورك تايمز» افتتاحية كتبها مسئول فى إدارة ترامب، كشفت عن أن الرئيس الأمريكى يواجه معارضة داخل إدارته لإحباط «أجزاء من أجندته وميوله السيئة»، وتحت عنوان «أنا جزء من المقاومة داخل إدارة ترامب»، وصف كاتب المقال كيف يواجه الرئيس الأمريكى «اختبارا لرئاسته بخلاف ما واجه أى زعيم أمريكى معاصر»، مضيفا «تعهدنا بفعل ما بوسعنا من أجل الحفاظ على مؤسساتنا الديمقراطية وفى الوقت نفسه عرقلة الاندفاعات الخاطئة للرئيس لحين أن يغادر منصبه».

قبل قرن تقريبا خاضت الصحافة فى مصر معارك لا تقل فى سخونتها عن معارك الصحافة الأمريكية ضد ترامب، ورغم تسلط القصر والاحتلال الإنجليزى إلا أن رواد الصحافة المصرية تمكنوا من أن يجعلوا من السلطة الرابعة رقيبا على باقى سلطات الدولة.

نشر الشيخ على يوسف صاحب ورئيس تحرير جريدة المؤيد عام 1896، وثائق تثبت تورط الجيش المصرى فى المستنقع السودانى، وعرض ما يلقاه الجنود المصريون وضباطهم الإنجليز من هزائم على يد «دراويش المهدية» السودانيين، فى حملة حربية قادها السردار كتشنر.

وبعد سنوات نقل الصحفى أحمد حلمى فى جريدة «اللواء» عام 1906 حقيقة ما جرى فى دنشواى، رغم محاولات التعتيم التى فرضتها سلطة الاحتلال الإنجليزى، ولما ترأس حلمى تحرير جريدة «القطر المصرى» اتهم الأسرة الخديوية بالاستيلاء على أموال الخزينة المصرية بدون وجه حق وتساءل: «بأى حق مشروع تأخذ العائلة 350 ألف ليرة سنويا.. أى شر دفعوه عن مصر، وأى خير جلبوه لها حتى يكال لهم المال جزافا؟!».

فى مقدمة كتاب «عناصر الصحافة» الذى صدر عام 2001 كتب الصحفيان الأمريكيان بيل كوفاتش وتوم روزنستيل «نحن بحاجة إلى الأخبار لنعيش حياتنا، ونحمى أنفسنا ونرتبط ببعضنا البعض، ونحدد الأصدقاء والأعداء.. وعندما تتم عرقلة تدفق الأخبار، يخيم الظلام، ويتنامى القلق، ويصبح العالم فى الواقع هادئا أكثر مما يجب.. ونشعر بالوحدة».

العداء للصحافة وكتم الأخبار أو فرض سياسة الصوت الواحد على الإعلام لن يخلق مجتمعا أكثر هدوء، والاصطفاف المزعوم سيؤدى حتما إلى الوصول للفوضى.. إلى الظلام، ودون سابق إنذار، والمؤامرة الكبرى على أى دولة هى إخفاء الحقائق وتغييب الجمهور.

نقلا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحافة الأمريكية وترامب الصحافة الأمريكية وترامب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon