توقيت القاهرة المحلي 22:47:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى

  مصر اليوم -

الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى

بقلم - عمرو الزنط

من هو السياسى «الشعبوى» وما هو «خطابه»؟، فى إطار هذا المقال، هو الذى يتمكن من الإقناع بأنه جاء لتخليص «الشعب» من استغلال «النخب»، فى حين أنه يتعاون مع «نخبته» المختارة، من مراكز القوى، بمحسوبية تفوق بمراحل تلك المتصلة بحكم السايسى التقليدى. كيف؟ عن طريق التتويه المؤدى لتغييب العقل بطمس الحقائق والأسباب التى تربط بينها.. وفيما يلى مثال بسيط من دولة ديمقراطية عريقة وحول موضوع يبدو بريئا للوهلة الأولى.

يعشق دونالد ترامب مخاطبة مؤيديه بواسطة «تويتر»، ربما لأنه يعتقد أنه يصل هكذا لـ«الشعب» مباشرة.. وخطابه «المتوت» مشوه من حيث الشكل والمضمون؛ ملىء بالأخطاء الإملائية والنحوية، والمغالطات المعلوماتية والمنطقية، فى إطار عملية شحن تستغل غضب مؤيديه على أوضاعهم وتوجيهه ضد العدو الخارجى أو الداخلى المفترض.

فى الأسبوع الماضى طلع ترامب بـ«تويتة تتويهية» سخر فيها من ظاهرة التغير المناخى والاحتباس الحرارى، منوها بتعرض أنحاء من بلاده لموجات برد شديدة. ليس من الغريب أن يسخر «ترامب» من ظاهرة يعتبرها خيالية، بل ادعى فى الماضى أن الترويج لها جزء من مؤامرة صينية لتخريب الصناعات الامريكية التى تنبعث عنها غازات الاحتباس الحرارى.. أو ربما أكذوبة تنتجها وتصدقها النخب الفاقدة الإحساس بمعاناة العمال فى تلك القطاعات.

لكنه للأسف فى النهاية لا يسخر من أحد إلا مؤيديه، فى عملية تتويه وتضليل تجسد مأساة بائسة فعلا.

أولا التغير فى «المناخ» ليس تغيرا لحظيا فى «الجو»: فحين تعرضت أجزاء من أمريكا لبرد قاس، تعرضت أستراليا لموجات حر شديدة، المهم هو أن معدل درجات الحرارة على الأرض ككل يرتفع فى العموم عبر الزمن، بصرف النظر عن موجات الحر والبرد العابرة..

.. ثم إن التغير المناخى الذى يتحدث عنه العلماء مجرد زيادة بضع درجات، ولن يمنع نشوب العواصف الثلجية فى المستقبل المنظور، لكنه فى نفس الوقت سيؤدى إلى غرق مدن ساحلية (كالإسكندرية المهددة) نتيجة زيادة مستوى البحار النابع عن ذوبان أجزاء من التكتلات الثلجية فى قطبى الارض.. بل إن التغيرات الحادة فى الطقس، بما فى ذلك موجات البرد القاسية، ربما تكون متوقعة فى ظل التغيرات المناخية، التى تؤدى إلى فروق كبيرة فى درجات الحرارة بين مكان وآخر، ينتج عنها تيارات هواء قوية قد تدفع بالهواء الساقع من القطب الشمالى إلى أماكن مثل الوسط الغربى للولايات المتحدة (المعرضة حاليا لموجات الصقيع محل سخرية الرئيس الأمريكى).

لكن «ترامب» لا يبالى بمثل هذه التفاصيل، وهو يعرف أن جمهوره تحركه المشاعر وليس لديه البال للبحث الدقيق عن الحقائق والاسباب التى تربطها.. وأن مؤيديه مقتنعون بأن العلم من الأشياء التى طالما لوحت بها النخب المكروهة التى يحرض ضدها «ترامب»، والتى يقول إنها ادعت امتلاكه فى سبيل السيطرة.

لكن فى نفس الوقت الذى قد يعتقد مؤيدوه من الطبقات الكادحة أنه يعمل فى صالحهم- يحمى العمال من تداعيات تقليل الصناعات التقليدية التى تنبعث منها غازات الاحتباس مثلا- فإنه حين ينكر التغير المناخى هو فعليا يعمل لصالح شركات بترولية عملاقة، كما أنه قام بالفعل بتعيين قيادات سابقة فيها لمناصب حكومية مهمة.

وهذه مأساة الكادح عندما ينصاع خلف الخطاب الشعبوى: يعتقد أن السياسى المحرك لمشاعر النفور من النخب المكروهة «واحد مننا»- من «الشعب»- لكن هذا السياسى عادة ما يعمل لصالح مصالح نخبوية هو الآخر، ويتسم حكمه بقدر من المحسوبية يفوق كثيرا نظيره فى ظل حكم السياسى التقليدى، الذى طالما حرك الناس ضده.

وكالعادة، عندما تأتى تداعيات سياسات فقدان العقل، الناتجة عن طمس الحقيقة بتحريك مشاعر النفور، يكون الكادح هو أول ضحية، بينما تتمكن النخب من حماية نفسها.. وفى هذه النقطة بالتحديد، لن تختلف تداعيات حكم «ترامب» نوعيا عن حكم عدوه مادورو فى فنزويلا مثلا، إلا ربما فى كون «ترامب» كارثة كونية لأنه يسيطر على دولة عظمى.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى الاحتباس الحرارى وطبيعة خطاب السياسى الشعبوى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:43 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته
  مصر اليوم - عمر خيرت يكشف عن لحظة فارقة في حياته

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس

GMT 18:19 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

«المركزي» يعلن مواعيد عمل البنوك في رمضان 2021

GMT 12:03 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

قمة نارية بين برشلونة وإشبيلية في نصف نهائي الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon