توقيت القاهرة المحلي 05:23:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أول مجرات ونجوم الكون.. بداية من 12 يوليو

  مصر اليوم -

أول مجرات ونجوم الكون بداية من 12 يوليو

بقلم - عمرو الزنط

أعلنت وكالة ناسا عن يوم نشر أُولى صور تليسكوب جيمس ويب، والذى سيوافق 12 يوليو القادم.
من الصعب التكهن بتفاصيل تلك الصور، لأن الإنسان حتى الآن لم يتمكن من رؤية بعض الأشياء التى من المرجح أن تكون فيها.. أو على أقل تقدير لم يتمكن من رؤيتها بالوضوح المتوقع. لكن ماذا نعنى بالضبط بـ «بعض الأشياء التى من المرجح أن تكون فيها»؟!.

فى أعقاب مقال الأسبوع الماضى جاءتنى بعض التعقيبات من نوعية: هل سيرصد «الويب» الانفجار العظيم؟!.. الرد المختصر هو «لا». أولًا لأنه ببساطة لم يكن هناك انفجار عظيم بالمعنى الشائع. لقد بدأ الكون من حالة كانت مكوناته مضغوطة على كثافات ودرجات حرارة عالية جدا، لكن التمدد كان فى الفضاء والزمن نفسه ولم يشبه انفجارا ينتشر فى المكان.. بل إن مصطلح الانفجار العظيم، أو «بيج بانج» كان قد أطلقه العالم فريد هويل على سبيل السخرية من الفكرة.. لأن الكون المفضل لديه كان أزلًيا فى القدم؛ كون لم يبدأ فى «لحظة انفجار».

رغم تحفظات هويل وغيره، فالأدلة أثبتت جدوى فكرة الكون المتطور زمنيا. فقد تم الكشف عن طاقة متبقية من مرحلة الكون الأولى، والتى نرصدها الآن فى صورة «أشعة ظل كونية».. تأتى إلينا من زمن يقدر بحوالى 400 ألف عام بعد بداية التمدد، فى كون عمره الآن حوالى 14 ألف مليون عام.. وتشير إلى أنه تطور مع الزمن من حالة مجال شبه متجانس، مجرد حساء أولى خالى الملامح.. وهى حالة مختلفة تماما عن الكون الحالى، الملىء بالمجرات والنجوم والكواكب.

تليسكوب جيمس ويب يرمى لرصد المرحلة الفاصلة بين الحالتين. وهى من المتوقع أن تبدأ بعد حوالى مائة مليون سنة من بداية التمدد.. أى أكثر بكثير من 400 ألف سنة، لكن أقل بكثير أيضا من 14 مليارا. ولكى يفعل ذلك يجب أن يرصد أبعادا شاسعة؛ لكى يكشف عن أشياء انبعث منها الضوء بعد مائة مليون سنة من «البداية»، ثم وصل إلينا بعد 14 مليار سنة.. آخذا حوالى 13.9 مليار عام فى المشاور!.

سيرصد «ويب» هكذا نورًا من نجوم الكون الأولى، التى أنتجت خلال حياتها وفى نهاياتها المتفجرة أول كميات من العناصر التى نعرفها من حياتنا كبشر على الأرض: من الكربون فى خلايانا والأكسجين الذى نتنفسه، إلى الذهب الذى فى بنوكنا، واليورانيوم الكامن فى أسلحتنا النووية.

فريد هويل كان من بين الذين بينوا من خلال حسابات رياضية مفصلة كيفية نشأة المواد المكونة لأجسادنا فى نجوم بعيدة عنا مكانيًا وزمنيًا. وكان كذلك ممن بينوا أن بعض المواد، مثل غاز الهيليوم، يمكن إنتاجها كذلك فى مرحلة «الحساء الكونى»، بعد دقائق فقط من بداية التمدد فى سياق سيناريو الانفجار العظيم الذى تشكك فى صحته.. وكميات تلك المواد المرصودة فعليا فى الكون تتفق مع إنتاجه فى ظل السيناريو الذى سخر منه هويل.. ومن سخرية القدر أنه ساهم فى إثبات صحتها!

كان مشرفى فى الدكتوراة الراحل روجر تايلير، الذى تعاون مع «هويل» فى كتابة الورقة العلمية التى توقعا فيها نسب «الهيليوم الكونى» الصحيحة.. يردد أن عبقرية هويل كانت كامنة فى فضوله وطموحه الفكرى الصادق، الذى حرّكه أحيانا حتى لسرد تداعيات أفكار متناقضة تماما مع معتقداته فى سبيل اختبارها.

نفس هذا المنطلق الذى حرك «هويل» سيحدد الإطار الذى سيدور فى سياقه الجدل العلمى بعد تدفق صور ونتائج جيمس ويب. وربما ستؤكد النتائج المتدفقة من «ويب» تكهناتنا السائدة عن بدايات الكون، ونشأة المجرات والنجوم فيه، مع وضع بعض النقاط فوق الحروف. وربما ستقلبها رأسا عن عقب. لكن، فى كل الأحوال، فإن قوة المنظومة الفكرية العلمية كامنة فى قبولها الإصلاح والتأقلم مع تدفق المستجدات، بل البحث باستمرار عن المستجدات التى تمدها بحيوية وحياة وحركة وتطور مستمر.

هذا هو الهدف والمعنى الأعمق لمشاريع مثل تليسكوب جيمس ويب. فمنها يظهر الفرق الأساسى بين نمط الحضارة العلمية وبين منظومات مغايرة ليست قابلة للإصلاح أو التأقلم مع المعطيات وتخشى التجديد، لأنه ينذر بانهيار هيكلها بالكامل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أول مجرات ونجوم الكون بداية من 12 يوليو أول مجرات ونجوم الكون بداية من 12 يوليو



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب
  مصر اليوم - النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 09:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام
  مصر اليوم - ميتا تطلق أدوات ذكاء اصطناعي مبتكرة على فيسبوك وإنستغرام

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء

GMT 09:42 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

كرات اللحم المشوية

GMT 06:57 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير أرسنال تختار محمد النني ثاني أفضل لاعب ضد مان يونايتد

GMT 18:47 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيير اسم نادي مصر إلى "زد إف سي" بعد استحواذ ساويرس

GMT 07:26 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الأربعاء 21تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:31 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

لعنة الغيابات تضرب بيراميدز قبل مواجهة الطلائع في الكأس

GMT 07:46 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسماك في مصر اليوم الأحد 11 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 21:43 2020 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

فنانة شابة تنتحر في ظروف غامضة

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مؤشرا البحرين يقفلان التعاملات على ارتفاع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon