بقلم - عبد اللطيف المناوي
فى كل عائلة كبيرة ابن لامع متميز، وفى عائلتنا كان هذا اللامع هو الدكتور محمود المناوى، الذى كان أستاذًا شهيرًا وعالمًا رائدًا فى مجاله فى أمراض النساء فى قصر العينى، بل كان مؤرخا لتاريخ قصر العينى نفسه، وعضوا فى مجمع اللغة العربية والمجمع العلمى المصرى، وأشياء أخرى كثيرة سأتحدث عنها فى مناسبات أخرى قادمة.
ترك الرجل ثروة فى أبنائه الأربعة الذين صاروا جميعًا أساتذة فى مجالات متعددة. ترك فيهم من بين كثير مما ترك اهتمامهم بالشأن العام. واليوم أتحدث عن أزمة هجرة الأطباء، ذلك الهم الذى يواجه مصر، ويهتم به المشغولون بالشأن العام مثل هشام المناوى أصغر أبناء الدكتور محمود، ويظهر ذلك واضحًا من خلال نشاطه وحضوره على السوشيال ميديا، الذى لا يقف عند حدود تخصصه كأستاذ فى جراحة التجميل.
وقد نشر هشام مؤخرا على صفحته صورة متداولة لدفعة 2019 طب جامعة المنصورة لكن فى لندن، وهى الصورة التى تجمع 12 من الأطباء الذين تركوا مصر وهاجروا للعمل هناك، ومع الصورة إعلان توظيف أطباء جدد فى بريطانيا.
يقول د. هشام فى تعليقه على الصورة «كتب منذ أيام الدكتور عادل طلعت بوست عن هجرة العقول للخارج (يقصد الأطباء)، وذلك بسبب ضعف الرواتب فى الداخل»، مقترحا: «ضرورة إيجاد حوافز كافية تجعل هؤلاء الأطباء يبقوا فى بلادهم مصر». وأضاف أيضا وفقا لنص كلامه: «ممكن توفر وتبنى مبانى ومستشفيات فى شهور، ولكن مستحيل ولو صرفت فى شهور مليارات إنك تعوض عقول محتاج علشان تعملها سنوات».
أشار كذلك إلى أنه تم تدمير صورة السيدة المحترمة التى تعمل فى المستشفيات ليلًا لمراعاة المرضى، حتى أمسى كثير من العائلات لا تسمح لبناتها بالعمل فى أى مجال طبى.
فيما كتبه د. هشام، سواء من معلوماته أو من معلومات استعان بها من د. عادل طلعت، أن فى بريطانيا يوجد ٣٥ ألف وظيفة شاغرة بين طبيب وتمريض وخدمات طوارئ، والسبب فى ذلك فقدانهن السوق الهندية والفلبينية لصالح الخليج وأمريكا ومصر.
د. هشام نقل أخيرا: «تقديم خدمة طبية لأكثر من مائه مليون مصرى يحتاج كثيرًا جدًا من العقول المتفتحة لوضع هذا الأمر فى مكانه الصحيح، هى صناعة متكاملة أساسها الإنسان قبل البنيان، وكذلك من الضرورة معرفة أن المصاريف التشغيلية لأى مقر طبى تفوق كثيرًا تكلفة بنائه».
تحدث كذلك عن المقارنة بين مبادرات البنك المركزى لتشجيع البنية التحتية للمنشآت السياحية (بفائدة ٥ فى المائة)، والتشجيع على بناء المستشفيات (بفائدة ٢٣ فى المائة)، مؤكدا أنها مقارنة غير منطقية، وغير طبيعية.
ما قاله الأطباء وما يتداول عبر السوشيال ميديا وحتى فى الجلسات العامة مؤلم ومزعج، وقد يكون بالفعل سببا للأزمة. لا توجد بيانات عن حجم هجرة الأطباء من مصر ولا عن نسبتهم إلى مجموع الأطباء المصريين، لكن الموضوع يحتاج نقاشا واسعا ومستمرا.
فتح الباب لى هشام ابن الدكتور محمود المناوى، الذى له ولأبنائه حديث آخر قادم.