بقلم - عبد اللطيف المناوي
تناولنا أكثر من مرة مسألة عضوية دولة فلسطين فى الأمم المتحدة، وأمس الأول اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة قرارًا يوصى مجلس الأمن بإعادة النظر فى عضوية فلسطين بشكل إيجابى، وقالت الجمعية العامة فى قرارها إن الفلسطينيين مؤهلون لينالوا العضوية الكاملة فى المنظمة.
وينص القرار على تعزيز حقوق دولة فلسطين وامتيازاتها فى الأمم المتحدة، دون السماح لها بالتصويت فى الجمعية العامة. كما سيسمح مشروع القرار لفلسطين بتقديم المقترحات والتعديلات وإثارة الاقتراحات الإجرائية خلال اجتماعات الأمم المتحدة من دون المرور بدولة ثالثة، وهو ما لم يكن بوسعها القيام به من قبل.
هذا القرار لا يعنى أن فلسطين أصبحت عضوًا كامل العضوية فى المنظمة الأممية، لكنها كما نرى توصية لمجلس الأمن بإصدار قرار بالموافقة على العضوية لتوافق بعدها الجمعية العامة، وهو القرار الذى يتحطم كل مرة على صخرة الفيتو الأمريكى الذى يرى أن العضوية الكاملة يجب أن تأتى فى نهاية عملية سياسية ترسخ السلام بالمنطقة، وتنهى الصراع العربى الإسرائيلى.
مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور فخّم من حجم الإنجاز، وقال: «لقد وقفت على هذه المنصة مئات المرات، وفى كثير من الأحيان فى ظروف مأساوية، ولكن لا شىء يمكن مقارنته بما يعيشه شعبى اليوم (...) لقد وقفت على هذه المنصة مئات المرات، لكن لم يسبق لى أن وقفت من أجل تصويت أكثر أهمية من هذا اليوم التاريخى».
فى المقابل، حاولت إسرائيل أن تهاجم القرار وتلونه بألوان أيديولوجية، فانتقد وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس، القرار، ووصفه بالسخيف وبمثابة جائزة لحركة حماس.
بل اتهم الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت قيادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، بالتحيز الدائم لفلسطين، لافتا إلى أن المنظمة تحولت بسببه (أى جوتيريش) إلى مؤسسة غير ذات صلة.
أما أمريكا، فكما ذكرت، هددت بشكل واضح باستخدام الفيتو، حيث بدا لنا أنها تعارض أى اعتراف خارج نطاق اتفاق ثنائى بين الفلسطينيين وإسرائيل، وحذرت من أنه إذا عادت المسألة إلى المجلس فإنهم يتوقعون نتيجة مماثلة لتلك التى سجلت فى أبريل الماضى، وهى استخدامها الفيتو بمجلس الأمن.
لكن بعيدًا عن التمجيد الفلسطينى بالقرار، وبعيدًا عن الهجوم الإسرائيلى المتوقع، والتحيز الأمريكى الواضح لتل أبيب، والتهديد بعرقلة أى شىء لصالح فلسطين، إلا أننا لابد أن نسعد بهذا القرار، كما لا يجب اعتباره نصرًا حاسماً، بل هو دافع للاستمرار فى الدفع لإنجاح عملية سياسية مهمة تنتهى بحل الدولتين. وقد يكون المناخ الدولى العام هو الأكثر استعداداً لهذا التوجه الآن. وهنا على الفلسطينيين والعرب العمل والتنسيق للدفع فى هذا الاتجاه مستغلين الزخم الحادث.