بقلم - عبد اللطيف المناوي
«بعد مباراة مصر مع إثيوبيا، السنغال تتقدم بطلب إعادة مباراتها أمام مصر»..
أحيانا القسوة فى التعبير هى إحدى وسائل التنفيس عن الغضب. وغضب المصريين الزائد هذه الأيام يخلق النكتة القاسية حتى لا ينفجر. كانت مباريات كرة القدم للفرق المصرية هى أحد أهم مصادر سعادة الناس. وكان الانتصار الذى يحققه فريق مصرى لنادٍ أو للمنتخب سببًا فى إعطاء المصريين جرعة من السعادة تساعدهم على الاستمرار مقاومين أى ظروف صعبة.
لكن يبدو أن هذه «الجرعات» باتت شحيحة هذه الأيام، فقد قرر أولئك القائمون على إدارة منظومة الرياضة أن ينكدوا على المصريين حياتهم، وأن يحرموهم من أى جرعة سعادة أو أمل. أصبحت الضربات تتوالى، وتحولت المناسبات الرياضية من مصدر سعادة وحماسة إلى مصدر للإحباط والغضب. وكما قلت فى البداية، لو لم يخلق المصريون هذا الأسلوب الساخر للتعامل مع حياتهم لانفجروا.
كما يبدو «من زمان»، فإننا نحصد نتيجة أكيدة لحالة الخلل الكبير الذى تعانى منه المنظومة الرياضية من بين منظومات أخرى. ويظن القائمون على إدارة هذه المنظومة أن إصلاح الخلل ووقف الانهيار يكون بتبديل الوجوه، ولم يفكر هؤلاء أن الخلل والعطب الرئيسى يكمن فيمن يشكل هذه المنظومة، أى فيهم هم شخصيًا. ولا يريد هؤلاء أن يعترفوا بالتعريف البسيط للغباء، وهو: توقع نتائج مختلفة من معطيات متشابهة.
الأكيد أننى لا أدعى الخبرة أو الفهم فى تخصص ليس لى، وحدود اهتمامى بهذا الملف الرياضى تقف عند حدود الأمل فى المتعة التى أصبحت محرمة علينا نحن المصريين. ولكنى أشارك كثيرين ممن تناولوا هذا الموضوع مؤخرًا- فساد المنظومة الرياضية- موقفهم وغضبهم.
وقرأت لكثيرين من المتخصصين والمراقبين والمهتمين الذين فاض بهم، فأصبحوا يشيرون بوضوح وجرأة إلى الخلل الواضح، وأصبحوا يجاهرون بما كانوا يتهامسون به من قبل؛ وهو أن الطريق الوحيد لإصلاح الخلل هدم المنظومة وإعادة بنائها على أسس من العلم والفهم، والاعتماد على أهل الخبرة بناء على التحليل العلمى، وإنهاء أسلوب الاعتماد على أهل الثقة الذين ثبت أن الثقة فيهم وحدها أدت بنا إلى ما نحن فيه.
فى ظل الضغوط التى يعانى منها المصريون، فإن جبر خاطرهم باتخاذ موقف قوى وعلمى وواضح فى ملف شعبى مثل هذا الملف سوف يؤدى إلى نتائج إيجابية. إعطاء الناس الإحساس بأن صوتهم مسموع ورغبتهم يُعتد بها سوف يكون له أثر واضح.
أنا لا أتحدث هنا عن كرة القدم فقط، ولكنى أتحدث عن المنظومة الرياضية بكاملها التى أفرزت مسلسل الهزائم ومسلسل هروب أبطال الألعاب الفردية.. كلها أعراض متعددة قد لا تبدو متشابهة، ولكنها أعراض لمرض واحد، نجانا الله منه.