بقلم - عبد اللطيف المناوي
ينتظر البعض اللحظة التي يعتقد أنها مناسبة للهجوم على شخص يحملون داخلهم غضبًا مكتوماً منه أو اعتقاد منهم بعدم الاستحقاق، أو ربما لموقف ضد رغبتهم أو رغبة من يملكون لجامهم.
منذ فترة ليست بالقصيرة كان اللاعب محمد صلاح موضوعاً للجدل، بل والتراشق بسبب محاولات ضمه للعب في أحد الأندية العربية، وللأسف كان جزء من الجدل متخطياً الحدود المرجوة من حوار بين أشخاص أو منصات، حيث كان صلاح هدفاً لكل أشكال السباب والتقليل من شأنه وقيمته، ثم انتهى الجدل.
وفى أوقات متقطعة مرتبطة بمشاركة محمد صلاح مع المنتخب الوطنى، الذي أصابنا بالإحباط خلال الأعوام الأخيرة، كان لوحة (التنشين) لهجوم يشكك في جدوى مشاركته، ومدى جديته وبذله الجهد الحقيقى مع منتخب بلاده، وهنا تكون إخفاقات المنتخب مناسبة للتشكيك في إخلاص الرجل، بل وأحيانا في حقيقة مستواه كلاعب، وهل يستحق مكانه أم لا؟.
ما يحدث من هجوم على صلاح عادة ما يكون منقسما إلى نوعين؛ أحدهما لحظة انتقام من جمهور أو أشخاص أو أطراف تعتقد أنها تعرضت لما لا تستحقه أو تتوقعه بشكل أو بآخر من صلاح ومحيطه، والنوع الآخر هم أولئك الذين يجهضون الأحلام والذين يعتقدون أن النجاح كثير على أي ناجح، لذلك ينتظرون اللحظة التي يعتقدون أن هدفهم- في هذه الحالة صلاح- يكون في وضع ضعيف يمكن الهجوم عليه، والانتقاص والتشكيك في نجاحه.
مع حرب غزة الدائرة شهدت مواقع «السوشيال ميديا» جدلاً بشأن موقفه منها؛ فبينما يلح البعض على صلاح بإعلان دعمه «غزة» عبر حساباته على الـ«سوشيال ميديا»، باعتباره من المؤثرين العالميين؛ فإن آخرين أعطوا هذا الإلحاح نوعاً من المزايدة على اللاعب الذي يتصرف بوصفه محترفاً، ويدفعون في التشكيك في مواقفه وعروبته وإخلاصه لبنى جنسه، وينزعون عنه المتابعة (follow) والإعجاب (like)، وقد تأثرت حسابات صلاح على «السوشيال ميديا» بالفعل بتراجع عدد المتابعين نسبيًا.
ولكن، لست هنا في موقع الدفاع عن موقف صلاح فهو أدرى بظروفه وشروط تعاقده، ولن يكون من العدل محاسبة إنسان على ظروفه، أو المطالبة بإلقاء كل شىء وراء ظهره من أجل الإعلان عن موقف.
ومن الخطأ، بل والخلل، التشكيك في موقف الأشخاص مما يجرى في غزة، فجميعنا مع أهلنا هناك، وضد الجريمة الإسرائيلية المستمرة، حتى لو كانت لنا انتقادات على أطراف فلسطينية بسبب مواقف بعينها. لذا، ليس من العدل استخدام موقف بهذا الشكل للانتقام أو للتنفيس.
لم أرغب أن أبدأ بخبر تبرع محمد صلاح للهلال الأحمر لصالح أهلنا في غزة، لأننى- أؤكد للمرة الثانية- لست مدافعاً عن صلاح، بل مطالب بإعمال العقل لا الانقياد.