توقيت القاهرة المحلي 03:52:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خمسينية طه حسين وحرب غزة

  مصر اليوم -

خمسينية طه حسين وحرب غزة

بقلم - عبد اللطيف المناوي

هناك شخصيات مهمة ظلمتها الأحداث، مثل طه حسين، الذى تُوفى يوم ٢٨ أكتوبر سنة ١٩٧٣، فى وقت لم يكن يعلو فيه صوت على صوت معركة العبور، ورغم الحزن على رحيل الرجل، وجنازته الرمزية التى خرجت من جامعة القاهرة، وتلاميذه الذين حملوا نياشينه وكتبه، فإن الأحداث وقتها كانت أكبر من فقدان أحد رموز الفكر المصرى، ربما الرمز الأهم فى تاريخ الفكر المصرى، بل العربى.

واليوم، أو بالأحرى الأمس، كان من المفترض ألا يعلو صوت على صوت الاحتفاء بمرور ٥٠ سنة على رحيل طه حسين، لكن للأسف علا بشدة صوت قنابل وقذائف الإسرائيليين فى حرب الإبادة التى تشنها تل أبيب على قطاع غزة. ارتفعت أصوات صرخات الأطفال، وأسمعت مَن به صمم، لكن الواضح أن المجتمع الدولى تعدى مرحلة الصمم، التى قصدها أبوالطيب المتنبى فى قصيدته الشهيرة.

قبل ذكرى طه حسين الخمسين، اندلعت حرب غزة، وتفاقمت آثارها، وسيطرت الرغبة فى الانتقام على عقل وقلب الدولة العبرية، سيطرت على العالم فكرة قانون الغاب والقضاء على الضعيف، ومن ناحية أخرى سيطرت علينا حالة من الارتباك الشديد فى ردود الأفعال، بين المطالبين صراحة بدخول حرب، وبين من خلطوا المقاومة بحماس، ومَن يجلسون على المقاهى يحتسون النرجيلة ويقولون بفم ملىء بالجهل إن الفلسطينيين هم مَن باعوا أراضيهم.

إلى هؤلاء جميعًا أقول: ما أحوجنا لإعادة دراسة وتدريس طه حسين بالمدارس والجامعات، إذا كنا صادقين فى مواجهة الجهل والجهلاء.

لقد بدأ طه حسين معركته التنويرية الحادة بكتابه «فى الشعر الجاهلى»، الذى صدر عام 1926 عن دار الكتب المصرية، وأثار حينها عاصفة من الجدال وكان له دوى كبير فى الأوساط الفكرية والثقافية المصرية والعربية؛ لما تضمنه من آراء جديدة صدمت جهات كثيرة، خصوصًا الدينية المتزمتة، وحتى فى أوساط بعض النقاد العقلانيين، الذين اتهموه بالقفز فوق التاريخ، وكذلك اتهام الإسلاميين له بالكفر، وبخيانة التاريخ العربى والإسلامى.

تم منع هذا الكتاب تحت ضغوط بعض الفئات الإسلامية المتطرفة وغيرها، لكن هذه الهجمة جعلته يصر على موقفه. ومما قاله فى هذا الأمر آنئذ: «جادِلونى بدلًا من أن تتهمونى، فإن ما أكتبه هو اقتراح للمناقشة، أقنعونى ولا تقمعونى».

وأظن أن تلك الجملة التى قالها طه حسين هى جملة تأسيسية للفكر الإنسانى عمومًا، هى دعوة إلى النقاش والإقناع، وتوضيح الصورة، وهو ما لا يقبله الآن قادة العالم، الذين سيطرت على عقولهم النظرة الواحدة والرأى الواحد.

منذ إصداره كتاب «فى الشعر الجاهلى»، ومعاركه ضد الجهل والجهلاء لم تتوقف، وأظن أن أهمية طه حسين الحقيقية تكمن فى أنه لم يكن مجرد متلقٍّ للمعطيات، بل حاول إعادتها إلى بنياتها الأولى، ومن ثَمَّ إعادة بنائها، وهذا ما جعله يناقش القضايا بموضوعية شديدة، ربما تكون غائبة الآن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خمسينية طه حسين وحرب غزة خمسينية طه حسين وحرب غزة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon