توقيت القاهرة المحلي 00:05:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خمسينية طه حسين وحرب غزة

  مصر اليوم -

خمسينية طه حسين وحرب غزة

بقلم - عبد اللطيف المناوي

هناك شخصيات مهمة ظلمتها الأحداث، مثل طه حسين، الذى تُوفى يوم ٢٨ أكتوبر سنة ١٩٧٣، فى وقت لم يكن يعلو فيه صوت على صوت معركة العبور، ورغم الحزن على رحيل الرجل، وجنازته الرمزية التى خرجت من جامعة القاهرة، وتلاميذه الذين حملوا نياشينه وكتبه، فإن الأحداث وقتها كانت أكبر من فقدان أحد رموز الفكر المصرى، ربما الرمز الأهم فى تاريخ الفكر المصرى، بل العربى.

واليوم، أو بالأحرى الأمس، كان من المفترض ألا يعلو صوت على صوت الاحتفاء بمرور ٥٠ سنة على رحيل طه حسين، لكن للأسف علا بشدة صوت قنابل وقذائف الإسرائيليين فى حرب الإبادة التى تشنها تل أبيب على قطاع غزة. ارتفعت أصوات صرخات الأطفال، وأسمعت مَن به صمم، لكن الواضح أن المجتمع الدولى تعدى مرحلة الصمم، التى قصدها أبوالطيب المتنبى فى قصيدته الشهيرة.

قبل ذكرى طه حسين الخمسين، اندلعت حرب غزة، وتفاقمت آثارها، وسيطرت الرغبة فى الانتقام على عقل وقلب الدولة العبرية، سيطرت على العالم فكرة قانون الغاب والقضاء على الضعيف، ومن ناحية أخرى سيطرت علينا حالة من الارتباك الشديد فى ردود الأفعال، بين المطالبين صراحة بدخول حرب، وبين من خلطوا المقاومة بحماس، ومَن يجلسون على المقاهى يحتسون النرجيلة ويقولون بفم ملىء بالجهل إن الفلسطينيين هم مَن باعوا أراضيهم.

إلى هؤلاء جميعًا أقول: ما أحوجنا لإعادة دراسة وتدريس طه حسين بالمدارس والجامعات، إذا كنا صادقين فى مواجهة الجهل والجهلاء.

لقد بدأ طه حسين معركته التنويرية الحادة بكتابه «فى الشعر الجاهلى»، الذى صدر عام 1926 عن دار الكتب المصرية، وأثار حينها عاصفة من الجدال وكان له دوى كبير فى الأوساط الفكرية والثقافية المصرية والعربية؛ لما تضمنه من آراء جديدة صدمت جهات كثيرة، خصوصًا الدينية المتزمتة، وحتى فى أوساط بعض النقاد العقلانيين، الذين اتهموه بالقفز فوق التاريخ، وكذلك اتهام الإسلاميين له بالكفر، وبخيانة التاريخ العربى والإسلامى.

تم منع هذا الكتاب تحت ضغوط بعض الفئات الإسلامية المتطرفة وغيرها، لكن هذه الهجمة جعلته يصر على موقفه. ومما قاله فى هذا الأمر آنئذ: «جادِلونى بدلًا من أن تتهمونى، فإن ما أكتبه هو اقتراح للمناقشة، أقنعونى ولا تقمعونى».

وأظن أن تلك الجملة التى قالها طه حسين هى جملة تأسيسية للفكر الإنسانى عمومًا، هى دعوة إلى النقاش والإقناع، وتوضيح الصورة، وهو ما لا يقبله الآن قادة العالم، الذين سيطرت على عقولهم النظرة الواحدة والرأى الواحد.

منذ إصداره كتاب «فى الشعر الجاهلى»، ومعاركه ضد الجهل والجهلاء لم تتوقف، وأظن أن أهمية طه حسين الحقيقية تكمن فى أنه لم يكن مجرد متلقٍّ للمعطيات، بل حاول إعادتها إلى بنياتها الأولى، ومن ثَمَّ إعادة بنائها، وهذا ما جعله يناقش القضايا بموضوعية شديدة، ربما تكون غائبة الآن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خمسينية طه حسين وحرب غزة خمسينية طه حسين وحرب غزة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 00:03 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل كليب تركي دويتو مع إيلين ييليز

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 13:12 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

أوميغا 3 يساهم في إبطاء نمو سرطان البروستاتا لدى الرجال

GMT 00:28 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تارا عماد تكتشف سرًا يربطها بوالدتها

GMT 18:55 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المصري يبدأ توزع دعوات مباراة بطل سيشل

GMT 06:45 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاجرة بين مروان محسن ورضا عبد العال بسبب "الأهداف"

GMT 06:45 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الهلال" السعودي بين مطرقة "كورونا" وسندان "الديربي"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon