بقلم - عبد اللطيف المناوي
أراد نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، أن تبدو كمفاجأة، لكنها لم تكن كذلك. عندما أبلغ وزراء حكومته بقراره إلغاء مجلس الحرب، وذلك تجنبًا لأى ضغوط يمارسها معه حلفاؤه للانضمام إليه.
هذه الخطوة كانت متوقعة لمَن يراقب تطور الأحداث فى إسرائيل، ولاسيما بعد انسحاب عضوى حكومة الحرب، بينى جانتس وجادى آيزنكوف، الأسبوع الماضى.
وتشكلت حكومة الحرب بعد انضمام حزب «الوحدة الوطنية»، برئاسة بينى جانتس، إلى حكومة الطوارئ فى 11 أكتوبر الماضى، بعد أربعة أيام بعد أحداث السابع من أكتوبر، فى إشارة وقتها إلى مفهوم «التحالف» فى مواجهة الخطر.
استقالة الوزيرين فى مجلس الحرب الإسرائيلى، بينى جانتس وجادى آيزنكوت، كانت تعنى مزيدًا من ارتباك حكومة بنيامين نتنياهو، مع تعاظم قوة وزير الأمن القومى الإسرائيلى، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أى أن المجلس الوزارى الموسع الذى سيتخذ القرارات سيكون خاضعًا للمزيد من سيطرة المتطرفين، وأكثر من ذلك ستتعاظم قوة بن غفير وسموتريتش، مع احتمال أن تندلع حرب شاملة فى الشمال على الجبهة اللبنانية فى الأيام والأسابيع المقبلة مع عدم انتهاء الحرب فى قطاع غزة. ومنذ انسحاب جانتس وآيزنكوف، يطالب بن غفير بالانضمام إلى حكومة الحرب، وهو أمر لا يفضله نتنياهو على ما يبدو. وكان إلحاحه دافعًا أساسيًّا لقرار الإلغاء.
وتفاديًا لهذا الوضع، فإن التقديرات فى محيط نتنياهو خلال الأيام الماضية كانت تشير إلى إمكانية إلغاء مجلس الحرب بشكل نهائى والعودة إلى الصيغة العادية والقانونية، أى مجلس عادى. وهو ما حدث، مع تعديل بسيط، وهو أن نتنياهو سيقيم مجلسًا مقلصًا للمشاورات الحساسة بدلًا من مجلس الحرب الملغى.
هذه الخطوة هى انعكاس لحالة الصراع على السيطرة على الإدارة فى إسرائيل، فى الوقت الذى تعمل فيه المعارضة على حصار نتنياهو، والدفع إلى خروج الجمهور إلى الشوارع للمطالبة بانتخابات مبكرة، وهناك لقاءات متوقعة مع رئيس الوزراء السابق، نفتالى بينيت، وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان، وزعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، فى محاولة للضغط باتجاه إسقاط حكومة نتنياهو، ونتنياهو يحارب حتى النفَس الأخير للاستمرار فى السلطة، التى تُعد الحصن الأخير له من مواجهة مستقبل محفوف بمخاطر الحساب السياسى والجنائى.
المعارضون يقولون إنه فى ظل فشل نتنياهو حتى الآن فى القضاء على حماس جعل مكانة إسرائيل فى العالم متدهورة جدًّا إلى درجة غير مسبوقة، وإنه بدلًا من تغيير الاتجاه لإعادة تحديد أهداف الحرب من جديد، يواصل الذهاب فى الاتجاه نفسه لأنه «مخطوف من قِبَل شركائه الحزبيين»، على حد قول هؤلاء المعارضين.
ويبدو أنه لم يعد أمام نتنياهو إلا الهرب إلى الأمام، وإحكام سيطرته على إدارة الأمور فى إسرائيل واتخاذ القرارات ليؤكد لمعارضيه أنه صاحب القرار، حتى لو اتهموه بممارسات ديكتاتورية.