بقلم - عبد اللطيف المناوي
مصر تملك مقومات اقتصادية وبشرية كبيرة، بل حققت المزيد من الإنجازات على المستويات الاستثمارية، وتشهد حركة بناء وتعديل ضخمة للغاية، ولكن كل ذلك لن يكون كافيًا للعبور من أزمة اقتصادية يشهدها العالم بأسره.
ما أحدثته جائحة كورونا خلال العامين الماضيين، وما تحدثه الحرب الروسية الأوكرانية الآن- لا بد معهما من التفكير في استثمار كل ما يمكن استثماره، للوصول إلى بر أمان اقتصادى، يعبر بالدولة المصرية من محنة يعيشها العالم، وتعجز اقتصادات كبرى عن مقاومتها أو صد مخاطرها الشديدة.
وأظن أن الاستثمار الأجنبى المباشر يضخ دماء بقوة في جسد اقتصاد أي دولة، حيث إن هذا النوع من الاستثمار للدول النامية وسيلة أفضل من اللجوء إلى الاقتراض، خاصة في ظل شروط صعبة قد تفرضها المؤسسات والجهات المانحة، ومنها -على سبيل المثال- صندوق النقد الدولى.
أقول ذلك وتلوح في الأفق معلومات حول قرض من صندوق النقد، ومع إدراك المواقف الصعبة التي تدفع الدول إلى الاقتراض ويكون القرار محل تفهم، لكن هذا يجب ألا يكون الاختيار على المدى المنظور، بل يجب العمل على الوصول إلى المرحلة التي تتراجع فيها أهمية تلك القروض (أو تحجيمها) ويكون البديل الصحى لها الاستثمار الأجنبى المباشر.
وأعتقد أن الحكومة مدركة هذا الأمر منذ اليوم الذي أعلن فيه البنك المركزى عن رفع أسعار الفائدة، حيث عقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى اجتماعًا لمتابعة جهود «صندوق مصر السيادى» في جذب الاستثمارات في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وذلك بحضور الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وخلال الاجتماع، أعلنت الدكتورة هالة السعيد أن صندوق مصر السيادى نجح في جذب وتوجيه استثمارات أجنبية كبيرة الحجم بالشراكة مع مستثمرين استراتيجيين من القطاع الخاص لمصر، بقيمة استثمارات تقدر بأكثر من مليارى دولار أمريكى في المرحلة الأولى، بصورة مباشرة ومن خلال البورصة المصرية، وسيتم الإعلان عن تفاصيل تلك الاستثمارات خلال أسابيع.
ووفقًا لكلام الوزيرة فإن تلك الصفقات الاستثمارية ستسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية للبلاد، وترسيخ وضع مصر كإحدى الوجهات الاستثمارية الرائدة في العالم، مع النمو الاقتصادى الذي تشهده مصر، والتزامها نحو تحقيق التنمية المستدامة الشاملة من خلال رؤيتها طويلة المدى. ولكن يظل الحديث عن الأرقام المتوقعة أقل بكثير جدًّا عما نستهدف.
لقد نجحت مصر في تدشين بنية أساسية قادرة على جذب الاستثمارات، وكذلك نجحت الدولة في جانب آخر من جوانب جذب الاستثمار وهو الإصلاحات القانونية والتشريعية، وعلى هذا فنحن مؤهلون لاستقبال المزيد من الاستثمارات الأجنبية، التي قد تقينا شر القروض. وأدعو هنا إلى فتح نقاش علمى وأمين حول سبل نجاحنا في تحقيق هذا الهدف.