بقلم - عبد اللطيف المناوي
أعلن ريشى سوناك، رئيس الوزراء البريطانى، عودة ديفيد كاميرون، رئيس الحكومة الأسبق، إلى الحكومة من جديد كوزير للخارجية!. وجاء الإعلان بعد أن أعلن «حزب المحافظين» الحاكم فى بريطانيا أنه بصدد القيام بتعديل وزارى يشمل الحقائب الرئيسية.
و«كاميرون» الذى شغل منصب رئيس الوزراء البريطانى من العام 2010 إلى العام 2016 جاء اختياره من سوناك بناءً على قرار الملك تشارلز الذى وافق على منح كاميرون مقعدًا فى مجلس اللوردات البريطانى، ما سمح له بالعودة إلى الحكومة كوزير، رغم أنه لم يعد عضوًا منتخبًا فى البرلمان.
ورئيس الوزراء الأسبق استقال بعد نتيجة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى باتفاق (بريكست)، والذى خرج على غير ما توقع كاميرون لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبى، فقضى نحبه سياسيًا. وبعد أن أراد أن يكون تشرشل العصر الحديث، خرج كاميرون يحمل إثم (بريكست).
ليس تشرشل فقط، بل سبق أن وصف كاميرون نفسه فى ديسمبر 2005 بقوله إنه رجل عملى وبراجماتى، يعرف أين يريد الوصول.. وفى أغسطس 2008، قال كاميرون عن نفسه: «سأكون مصلحًا اجتماعًا جذريًّا كما كانت تاتشر مصلحة اقتصادية»!.
الغريب أن كاميرون لم يحقق ما قاله عندما كان رئيسًا للحكومة من أنه سيصبح تاتشر، وأيضًا لم يصبح تشرشل، كما وصفه مؤيدوه، وحتى عندما خرج من الحكومة مستقيلًا لم ينجح فى عمله، فقد أمضى سنوات فى كتابة مذكراته والانشغال فى أعمال تجارية، بما فى ذلك شركة «جرينسيل كابيتال»، وهى شركة مالية انهارت فى وقت لاحق.. وأثار انهيار الشركة تساؤلات حول مدى قدرة القادة السابقين على استغلال مكانتهم فى التأثير على سياسة الحكومة بعد أن اتصل كاميرون مرارًا بكبار الوزراء فى عام 2020 للترويج للشركة!.
يبدو أن الرجل فشل فى كل شىء.. السياسة والإصلاح الاجتماعى والبيزنس كذلك، ولكن لماذا اختاره سوناك فى هذا المنصب الحساس، وزيرًا للخارجية؟!.
ربما يكون سوناك منجذبًا على الأرجح إلى نفوذ كاميرون فى الساحة الدولية، ولاسيما بعد المواقف الحادة التى اتخذتها الحكومة فى الأيام السابقة تجاه مسؤولين انتقدوا سياسة سوناك تجاه حرب غزة، ومنهم وزيرة الداخلية بريفرمان، التى أقالتها الحكومة بعدما اتهمها منتقدوها بتأجيج التوترات على هامش التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والاحتجاجات المضادة فى المملكة المتحدة.
وربما يأمل سوناك فى كسب الناخبين من الوسط ويمين الوسط، الذين تزداد مشاعر عدم الرضا فى أوساطهم، أما البعض فيقول إن الاختيار ربما ينم عن يأس!.
عودة كاميرون لم تكن متوقعة، واستهجنتها الأوساط السياسية، فهو الرجل الذى فشل فى كل شىء تقريبًا، وها هى بريطانيا تستعين به لإعادة رسم سياستها الدولية، فهل ينجح الرجل فى مهمته تلك، أم سيكرر فشله؟!.