بقلم - عبد اللطيف المناوي
فى الدول المتقدمة، تولى المؤسسات الناجحة أولوية كبرى لاختيار القادة والكفاءات. لقد صار من أهم واجبات المسؤول المخلص أن يبحث بكل أمانة وإخلاص عن النوابغ والمتميزين - بشرط نبوغهم وتميزهم - لضمان استمرار عجلة التقدم والتطور، فلا يكفى أن يُقال عن المسؤول الناجح، إنه ناجح، ما لم يحاول جاهدا أن يساهم فى حسن اختيار الخلف لتستمر مسيرة الحياة والوطن.
\
فمسيرة الوطن نحو التقدم بحاجة إلى شروط، لعل أهمها حُسن رعاية من يمتلكون بذور الكفاءة والقيادة، وتوفير مناخ مناسب من العدل وتكافؤ الفرص فى اختياراتهم، بعيدًا عن العاطفة أو المحاباة.
الشواهد كثيرة تؤكد كيف تؤثر الكفاءات فى المؤسسات المختلفة، فإما تحليق يرفع الهامات، وإما سبات عميق يُحنى الرؤوس. فحسن اختيار المسؤولين ورعايتهم على أسس علمية يُعد من أهم عوامل نجاح ليس فقط الدولة، بل وأى مؤسسة، وحسن أدائها لمهامها، وبالتالى استمرار مسيرة النمو والتنمية، والدفع للأمام.
أصبح اختيار الكفاءات والقيادات علمًا من علوم إدارة المصادر البشرية، له تخصصاته فى الجامعات والمؤسسات العالمية، وله شركاته التى توظف خدماتها لمؤسسات القطاع العام والخاص، على السواء، وله إداراته فى المؤسسات الناجحة، تدعم المستحقين، وتنمى الراغبين، وتدرب من كانت صفاته تؤهله لأن يكون كفئًا.
إن العديد من الأسئلة تطرح نفسها فى هذا المجال، حيث مازالت الآراء والأفكار تتضارب حول «من هو الفرد الأكثر كفاءة لتولى مسؤولية ما؟، وما هى قدراته وإمكانياته؟، وكيف تتم عملية اختياره؟».
إلا أن التاريخ يؤكد أن الفرد المؤهل لذلك يجب أن يكون مشحونا بالأسس العلمية، والمبادئ العامة، والتفكير خارج الصندوق بصفة مستمرة. يجب أيضا أن يكون أكثر استعدادا عن غيره لتحمل مسؤولية أكبر فيما بعد. وأخيرًا يجب أن يكون مؤهلا لاختيار أفراد آخرين مؤهلين.
تعددت طرق الاختيار، فمنها طريقة اﻻختيار الحر، وهى التى تقوم على اعتبارات شخصية تقديرية، وهى الطريقة التى لم تعد مقبولة اليوم، حيث المساواة والعدل فى الاختيارات.
ومنها طريقة اﻹعداد والتأهيل والتكوين، وهى التى تعتمد على تدخل المسؤولين من أجل إعداد وتكوين اﻷطر القيادية من خلال المؤسسات والمعاهد والكليات، وهى الطريقة التى أثبتت نجاحًا باهرًا فى الدول المتقدمة، وفى بعض القطاعات لدينا.
كما صار من أهم صفات المسؤول الناجح، التعاون والتكامل مع فريق العمل، ومساعدة الغير - من الموهوبين - على النجاح، فى نهاية المطاف النجاح يتطلب العمل بروح الفريق، فالأمر ليس صراعًا أو استحواذا أساسه المصالح الضيقة وقصر النظر، فالنجاح الذى يبقى هو الذى يصنعه الأكفاء المتعاونون.
إن النابغين فى كل مجالات يشتركون فى شىء واحد، هم يريدون أن يحققوا شيئا مفيدا. قد يختلفون فى سياسة العمل وأسلوبه، لكنهم جميعا يودون أن يدون عنهم صفحات مشرقة ومشرفة. النابغون فقط من يدركوا حقائق الحياة، وصعوباتها، حتى عندما تكون الصعوبات مؤلمة ومخيفة، فهى جزء من النجاح، فالتحديات هى التى تجعل التقدم أكثر ثباتًا ورسوخًا