توقيت القاهرة المحلي 15:56:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أن تُصلح الفساد بالأفكار

  مصر اليوم -

أن تُصلح الفساد بالأفكار

بقلم - عبد اللطيف المناوي

هل تصدقنى يا عزيزى القارئ إذا ذكرت لك أن قادة المفكرين والأدباء من توماس كار لايل إلى تشارلز ديكنز، صاحب «قصة مدينتين»، كانوا فى طليعة الحركة الإصلاحية فى بريطانيا أواخر القرن الـ19؟

هل تصدقنى إن ذكرت لك أن الخسائر البشرية والبيئية الناجمة عن التصنيع فى أوروبا، والفساد الملحوظ وعدم فاعلية المؤسسات السياسية، وسيطرة مجموعة صغيرة من النخب المالكة للأراضى على السياسة، واتساع فجوة التفاوت الاقتصادى، أصابت مجتمعات القارة العجوز بالضعف، لذا لجأت المجتمعات إلى مفكرين وأدباء حتى يقودوا ثورة حقيقية فى المجتمع، ولهذا وصلوا إلى ما هم عليه الآن؟

ربما لا تصدقنى، أو تهوّن كثيرًا مما تستطيع فعله الحركات الفكرية فى المجتمعات، لكنه ليس كلامى، بل هو محتوى «روشتة» أو نصيحة تقدمها مؤسسة «راند» الأمريكية بتكليف من «البنتاجون» لتقييم الوضع التنافسى للولايات المتحدة فى مواجهة الصين الصاعدة. والمدهش أن الدراسة التى قدمتها المؤسسة الأمريكية المهمة تشير إلى أن الولايات المتحدة فى طريقها نحو انحدار شبيه بما حدث لكثير من القوى العظمى فى السابق، مثل إنجلترا وفرنسا فى العصور الوسطى.

الدراسة تؤكد أن هناك الكثير من القيم التى تسود المجتمع الأمريكى تؤدى به إلى حافة الهاوية، ولا تستطيع أن تجعله منافسًا أو ندًا قويًا للقوى الصاعدة فى العالم، ومنها الصين. ومن بين تلك القيم الإدمان على الترف والانحطاط، والفشل فى مواكبة المتطلبات التكنولوجية، والبيروقراطية المتحجرة، وفقدان الفضيلة المدنية، والنخب الأنانية والمتحاربة، والممارسات البيئية غير المستدامة، فضلًا عن تباطؤ نمو الإنتاجية، والشيخوخة السكانية، والنظام السياسى المستقطب، وبيئة المعلومات الفاسدة.

وتنصح المؤسسة بـ«التجديد الوطنى الاستباقى»، أو بمعنى أدق أن تعالج المشكلة قبل حدوثها، أو أن تستبقها بسلسلة من الإجراءات والأفكار التى تعيد إلى الوطن مكانته الأولى، واستشهدت الدراسة بما ذكرته فى البداية بما حدث فى بريطانيا، كما استشهدت أيضًا بما حدث فى أمريكا ذاتها أواخر القرن التاسع عشر، حيث أدى الازدهار الصناعى خلال هذه الفترة إلى خلق تفاوتات وأضرار اجتماعية كبيرة، وفساد فادح فى الدولة، إلا أن روزفلت قاد حركة تقدمية أصلحت السياسة والأعمال وحقوق العمال والبيئة، وذلك باستعانته بأفكار بعض التقدميين والمفكرين، الذين سعوا إلى ضخ الحيوية فى الثقافة الحديثة للولايات المتحدة الأمريكية.

قد يبرز سؤال هنا، وهو: كيف نهضت بريطانيا وأمريكا بالمثقفين والمفكرين التقدميين؟

الدراسة أجابت بكل وضوح، إذ أكدت أن قراءة ما كتبه وطرحه ديكنز مثلًا فى رواياته الشهيرة أو ديكارت فى فلسفته المنهجية الأثيرة، كان مخرجًا لدول أوروبا لعودة القوة إلى مجتمعاتها، حيث اعترف قادتها بالمشاكل، وآمنوا بالإصلاح، وانفتحوا على كل الأفكار، إضافة إلى التزام النخب المثقفة والمفكرة كذلك بالصالح العام.

أمريكا التى وصفتها الدراسة بأن شمسها تواجه الأفول، ربما تبحث عن بارقة أمل فى مثقفيها ومفكريها تعيد هذه الشمس إلى السطوع من جديد، فهل تُفلح؟.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أن تُصلح الفساد بالأفكار أن تُصلح الفساد بالأفكار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 13:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته
  مصر اليوم - تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon