بقلم - عبد اللطيف المناوي
مشهد الدبابة الإسرائيلية بينما يتجه بها قائدها قاصدًا تحطيم لافتة مكتوب عليها «I LOVE GHAZA» بالدهس عليها، ليست مجرد لقطة تليفزيونية على سبيل الدعاية أو رغبة فى الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعى، لكنها تعبير حقيقى عن الحالة النفسية التى تكمن داخل النفس الإسرائيلية من رغبة فى الانتقام والتشفى، وهذا وضح تمامًا من صوت قائد الدبابة الذى يمتلئ غضبًا وغيظًا، ربما يكون هذا كله ناتجًا عن خيبة أمل لعدم قدرة جيش بهذا العتاد والتكنولوجيا والقوة على حسم الحرب واستعادة الرهائن حتى هذه اللحظة.
العنف المفرط الذى سيطر على قائد الدبابة أثناء تحطيم اللافتة، ربما هو ذاته بالضبط الذى يسيطر على قادة الحرب فى إسرائيل، وصولًا لنتنياهو نفسه، الذى لا يضع حدًا للمواجهات، التى وصلت إلى حد السيطرة على معبر رفح، ليحقق مقولة «من يسيطر على معبر رفح يسيطر على غزة»، لأن معبر رفح هو شريان الحياة، لهذا فإن سيطرة إسرائيل على المعبر الذى يُدار بعيدًا عنها منذ عام 2005، معناه أنها خنقت غزة عن بكرة أبيها، ومعناه الأكثر فداحة أن عقارب الساعة عادت إلى ما قبل هذا التاريخ، إلى مرحلة الاحتلال الكامل.
رغبة السيطرة على المعبر هى رغبة قديمة لدى إسرائيل، حيث تصر تل أبيب على نقل معبر رفح الحالى إلى منطقة جنوب شرق القطاع على خطوط التماس بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل، وبهذا تحتفظ بالسيطرة الأمنية عليه، فتتحكم فى دخول وخروج الأفراد والبضائع، إضافة إلى فرض السيطرة الجمركية على السلع التى يمكن أن تباع لاحقًا فى إسرائيل أو الضفة.
كما تحدثنا أمس، فقد بدأت إسرائيل ما يمكن أن يطلق عليه «العملية النموذج» أو «Pilot Project»، والأنباء الواردة من تل أبيب (حتى الآن) تؤكد أنها لن تستجيب إلى أى نداءات أو أى مقترحات من شأنها تهدئة الأوضاع أو وقف القتال، رغم إعلان حركة حماس موافقتها على الورقة المصرية لوقف إطلاق النار فى القطاع.
الواضح أن إسرائيل، أو بتعبير أدق نتنياهو وصحبته، مستمرون فى تنفيذ مخططهم حتى النهاية بغض النظر عن أى محاولات للحل أو لتهدئة الأوضاع. بل هم يستمرون فى تطوير العدوان وفى الوقت نفسه يستمرون فى التفاوض، أو إعطاء الانطباع بأنهم يتفاوضون. فى الوقت الذى رد فيه مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار وإبلاغ إسماعيل هنية مصر وقطر بهذه الموافقة بأن اقتراح الهدنة لا يلبى مطالب إسرائيل، يبدأ هجومه على شرق رفح ويحتل المعبر، لكنه يعلن أن إسرائيل سترسل وفدًا للقاء المفاوضين لمحاولة التوصل إلى اتفاق. ولكنه وفد فنى!
وهكذا تستمر العملية الإسرائيلية «النموذج»، قَبِل من قَبِل، ورفض من رفض.