بقلم - عبد اللطيف المناوي
اعتراف أولى يعرفه كل من عاصر الوقت الذى سأتحدث عنه. لم نكن أنا والعزيز المرحوم عبدالله كمال على وفاق شخصى وفكرى أحيانًا، رغم أننا كنا فى معسكر واحد، كما يحلو للبعض التسمية.
الأسباب والتفاصيل كثيرة، وليس فيها ما يُخجِل أحدنا، لكن الاختلاف بين الأشخاص حتى داخل المعسكر الواحد أمر صحى فى كثير من الأحيان، وغير صحى فى بعضها. والخلاف بيننا ليس قضيتى اليوم، وسيأتى اليوم الذى أضع فيه كل التجربة التى مررت بها بشكلٍ موضوعى، لكن قضيتى اليوم هى عبدالله كمال «الأستاذ» الذى تعلم من أساتذة وعلَّمَ عندما بدأ يقود.
عرفت عنه هذا عن بعد ممن تعامل معه. استطاع فى تجاربه التى قادها أن يخلق ذلك الرابط الإنسانى والمهنى بين القائد ومن يعملون معه. كان عنيفا فى اختلافه السياسى، وشديد الإنسانية فى علاقاته بمجاله الخاص ومجال عمله الذى يقوده.
أظن أن أكثر لحظاته سعادة عندما كان محاطًا بتلاميذه، واستشعرت هذا عند قراءتى لـ(بوست) كتبته الزميلة ديانا الضبع فى ذكرى ميلاده. أعرف ديانا معرفة بسيطة، ولم أشرف بالعمل معًا. لا يوجد وسيلة تواصل معها، ولكنى متابع لما تفعل وتكتب، وأراه جديرا بالمتابعة.
كتبت عن عبدالله المزيج من «الإنسان والأستاذ»، وأعتبر نشر ما كتبته على إحدى وسائل التواصل الاجتماعى هو إذن بالنشر، فأستأذنها فى ذلك، وسأتركه كما هو، حيث توجه كلامها إليه:
«لما عرفتك، كنت أد عمرى النهارده بالظبط!، ٣٩ سنة!، مش عارفة أشرحهالك إزاى بس تقريبا من ساعتها مابيعديش يوم غير ولازم أرجعلك. وإنت عايش كنت محظوظة جدا إنى باقدر آخد وأدى معاك وأحكى وأقول وأقاوح وانت تسمع وتنصح وتوجه وتناقش.
ولما مشيت مش عارفة إزاى ده ماتغيرش!! مش كلمتين باكتبهم فى ذكرى ميلادك، بس أنا فعلا مش عارفة إزاى سبت جوايا مخزون بارجعله تقريبا كل يوم فى حياتى!!، إزاى كل موقف له مرجع فيك بالشكل ده؟! يوم ماعرفتك كنت باشوفك فى مكان بعيد وعالى جدا!! وأدينى النهارده وصلت لسنك يوم ما عرفتك وبسأل نفسى هل بقيت شبهك؟.
الغريب إنى بحس إنى بقيت شبهك جدا بدون ما أكون شبهك بالظبط!! لغز؟ أبدا!!، إنت أكتر شخص كان بيعلمنى ويسيبنى حرة!، أفكارى حرة!، أفعالى حرة!، شخصيتى حرة!، بالرغم إن كان ليك نفوذ مهنى بحكم موقعك وشخصى بحكم معزتك، عمرك ما استغليته علشان تمشينى فى طريق محدد!!، إنت علمتنى وأطلقت سراحى!!، مخك كان كبير بشكل أوسع وأذكى بكتير من المحدودية اللى ممكن تفرضها الأيديولوجية والسياسة!!.
هو ده كان جوهر شخصك اللى يمكن مش كل الناس يعرفوه زى مانا عرفته واستوعبته!، ومش بس أنا!، لكن كل حد كان مختلف معاك وقرب منك لمسه وانبهر بيه وحبك وعرف يكون صاحبك!!، يا بختنا!، كل سنة وإنت أستاذى وصاحب أول فضل.. كل سنة وإنت من أهم وأقيم مراجع حياتى.. كل سنة وذكراك من الأجمل والأهم».