بقلم - عبد اللطيف المناوي
«العالم انقسم إلى فسطاطين لا ثالث لهما، فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر» قالها أسامة بن لادن منذ حوالى 22 عامًا، وتأتى الأحداث التى اشتعلت فى غزة لتعيد للذاكرة أجواء الحادى عشر من سبتمبر من زوايا مختلفة. فما حدث قد قسم العالم بالفعل إلى موقفين متناقضين، أحدهما مؤيد بلا تحفظ لإسرائيل، والآخر تعاطف ممزوج بتأييد من الأغلبية فى العالم العربى والإسلامى.
أيضًا فى إسرائيل تحوم فوق الرؤوس أحاسيس تشبه أحداث سبتمبر، سواء المفاجأة وحجم الخسائر وكشف الخلل الأمنى والاستخباراتى. فقد كتب الكاتب الإسرائيلى «أفى ماير» مقالًا فى صحيفة «جيروزاليم بوست» بعنوان «هذه هى أحداث 11 سبتمبر الإسرائيلية» اعتبر فيه أن أحداث السبت الماضى تمثل أكبر فشل عسكرى واستخباراتى لإسرائيل منذ نصف قرن، إن لم يكن خلال 75 عامًا هى عمر دولة إسرائيل كله.
وكتب ماير: «إن النطاق الكامل للكارثة غير معروف حتى الآن، ولكن هناك شىء واحد واضح: أحداث السابع من أكتوبر 2023 -الذى هو أحد أحلك الأيام فى تاريخ البلاد (....) هذا هو 11 سبتمبر فى إسرائيل، لن يعود أى شىء كما كان». هكذا ختم مقاله.
الأجواء فى الغرب كلها تشبه ١١ سبتمبر، فالمجتمع الغربى تسابق للإعلان عن التأييد غير المشروط لإسرائيل، فصدر بيان مشترك عن كل من الرئيس الأمريكى جو بايدن ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون والمستشار الألمانى أولاف شولتس ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلونى ورئيس الوزراء البريطانى ريشى سوناك، أكد على أن دولهم «ستدعم إسرائيل فى جهودها للدفاع عن نفسها». وأضاف البيان «سنظل متحدين فى الأيام المقبلة وسنواصل التنسيق لضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها، ولتهيئة الظروف فى نهاية المطاف لشرق أوسط ينعم بالسلام والاندماج».
وندد رؤساء الدول الخمس «على نحو لا لبس فيه» بحركة حماس و«أعمال الإرهاب الشنيعة التى ارتكبتها». يحدث هذا بينما تجتاح بريطانيا مسيرات مؤيدة للفلسطينيين وتطالب بطرد السفير الإسرائيلى، كان أبرزها مسيرة خارج السفارة الإسرائيلية وداونينج ستريت. تأتى هذه المسيرات بعدما حضر ريتشى سوناك صلاة من أجل إسرائيل فى شمال لندن، وقال: «أردت أن آتى إلى هنا وأقف معكم فى ساعة الحزن هذه بينما نحزن على ضحايا العمل الإرهابى البغيض».
وعلى الفسطاط الآخر، أقصد عربيًّا وإسلاميًّا، فإنه حتى الذين يقدرون التوابع السياسية لما حدث ويحدث، والذين يدينون ويرفضون المساس بالمدنيين، ينتابهم شعور بالتعاطف والتأييد، حتى لو لم يكن معلنًا، لما تتعرض له إسرائيل على يد الفلسطينيين. وهذا يعود ببساطة إلى السلوك الإسرائيلى المتعنت وغير الإنسانى لعقود مع الفلسطينيين، وكذلك المعايير المزدوجة عالميًّا.
بعد سبتمبر تساءل الأمريكيون: لماذا يكرهوننا؟!
وبما أن إسرائيل تقول إن ما حدث هو بمثابة ١١ سبتمبر لهم، فيجب أن يكرروا السؤال: لماذا يكرهوننا؟
ولابد أن يتابعوا بدقة أولئك الذين يدينون الفعل فى الظاهر، وفى الخفاء هناك حالة من الإعجاب أو الرضا أو الشماتة!.