بقلم - عبد اللطيف المناوي
نهج ترامب «أمريكا أولًا»، الذى سعى من خلاله إلى حماية الصناعة الأمريكية من المنافسة الأجنبية، أدى إلى نتائج عكسية فى بعض الأحيان.
أظن أن ترامب سوف يسعى من جديد لجعل «أمريكا أولا» هو الشعار السائد، إلا لو استمع إلى نصائح السياسيين الخبراء فى التخفف من هذا النهج قليلا. كل شىء جائز. ولكنه هنا يكون قد تنازل عن أحد أهم ملامح «شعبوية» خطابه. وهذه الاتجاه الشعبوى هو أحد أهم عناصر قوته.
خلال فترة رئاسته السابقة، واجه الاقتصاد العالمى تحديات عديدة نتيجة لهذه السياسات التى اعتمدها ترامب فى الاقتصاد، حيث أشارت تقارير صندوق النقد الدولى إلى أن السياسات التى تبنتها إدارة ترامب يمكن أن تؤدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادى العالمى.
فالعلاقات التجارية المتوترة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين، مثل الصين، أثرت على الاستثمارات وأسعار السلع، مما زاد من حالة عدم اليقين فى الأسواق العالمية. كما أن التوترات التجارية أدت إلى تغييرات فى سلاسل الإمداد العالمية؛ حيث وجدت الشركات الدولية، التى تعتمد على سلاسل إمداد معقدة وعابرة للحدود، نفسها مضطرة إلى إعادة النظر فى استراتيجياتها بسبب الرسوم الجمركية المرتفعة والحواجز التجارية الجديدة.
هذا الأمر ولا شك أدى إلى زيادة التكاليف التشغيلية للشركات واضطراب الأسواق العالمية، مما أثر سلبًا على الاستقرار الاقتصادى العالمى.
وما قلناه حول مسألة «أمريكا أولا» صالح أيضا هنا، فكل هذه الآثار السلبية مرهونة بتصرفات ترامب نفسه.
أيضا اعتمد ترامب خلال فترة ولايته الأولى على خطاب مثير للانقسام، كما اعتمده كذلك خلال حملاته الانتخابية، مما زاد من حدة الانقسامات الاجتماعية والسياسية داخل الولايات المتحدة. أثار اعتماده على سياسات الهوية وتجاهل الأعراف السياسية التقليدية قلق العديد من المراقبين الذين رأوا فى هذه الخطوات تهديدًا لاستقرار الديمقراطية الأمريكية.
وقد أدى خطاب ترامب التحريضى إلى تعميق الشقوق المجتمعية وتأجيج التوترات العرقية والسياسية.. فقد شهدت الولايات المتحدة خلال فترة رئاسته موجات من الاحتجاجات والاضطرابات الاجتماعية، بدءًا من حركة «حياة السود مهمة» إلى الاحتجاجات ضد سياسات الهجرة المتشددة. ولهذا يخشى الكثيرون من تكرار هذا السيناريو فى حال فوز ترامب مرة أخرى، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات على الصعيد العالمى.
الاستقطاب الداخلى فى الولايات المتحدة له تأثيرات مضاعفة على الساحة الدولية. فعندما تكون أكبر ديمقراطية فى العالم منقسمة على نفسها، يمكن أن يؤدى ذلك إلى زعزعة الاستقرار العالمى. كما أن النزاعات الداخلية تجعل من الصعب على الولايات المتحدة التفاعل بفاعلية مع القضايا الدولية، مما يترك فراغًا يمكن أن تستغله قوى أخرى لزيادة نفوذها.