بقلم - عبد اللطيف المناوي
«اليوم التالى» هو تعبير استُخدم كثيرًا فى مسألة وضع التصورات عن المستقبل. وحسب ما تحمله ذاكرتى، فإنه عادة يُستخدم للتعبير عن مرحلة ما بعد الكوارث.
أظن أيضًا أن أقلامًا حملت نفس المعنى، بل ونفس المصطلح حول تصورات ما بعد الهجوم النووى أو نهاية العالم.
والآن، يتم استخدامه فى مرحلة ما بعد الحرب على غزة. مثلًا، مجلة «بوليتيكو» الأمريكية ذكرت أن مسؤولين فى إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن قد بدأوا بالفعل فى وضع تصور لمرحلة ما بعد الحرب فى قطاع غزة، تقوم بالأساس على سيطرة السلطة الفلسطينية عليه فى نهاية المطاف.
وهذا التصور ربما يصطدم برغبة الحكومة الإسرائيلية، التى أعلن رئيسها بنيامين نتنياهو مرارًا رفضه عودة السلطة الفلسطينية للقطاع الذى أخرجته منه حركة «حماس».
كما أن هناك اتجاهات عالمية بالفعل بدأت فى رسم تصورات الأوضاع فى «اليوم التالى» للحرب، مفادها أن عملية إعمار غزة ستكون متعددة المراحل، لكنها ستبدأ فور انتهاء العدوان، كما أن هناك تصورات أخرى عن الحاجة إلى قوة دولية لتحقيق الاستقرار فى غزة بعد انتهاء القتال، يليها تولى سلطة فلسطينية (متجددة) مقاليد الحكم.
مصطلح «اليوم التالي» أيضًا جاء على لسان أوفير فولك، مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للسياسة الخارجية فى تصريحات لـ«رويترز»، حيث قال إن الخطة المستقبلية للتعامل مع قطاع غزة بعد الحرب تقوم على عملية من ثلاثة مستويات: أولها يشمل تدمير حماس - وفق تصريحه - ونزع سلاح غزة، والقضاء على التطرف فى القطاع بشكل كامل.
وأضاف المسؤول الإسرائيلى فى تصوره لـ«اليوم التالى» أن ما تخطط له تل أبيب من إنشاء منطقة عازلة سيكون جزءًا من المستوى الخاص بنزع السلاح.
فى حين أكد بعض المسؤولين الأمنيين العالميين فى تصورهم لـ«اليوم التالى» أن الدولة العبرية تريد إقامة منطقة عازلة بين غزة وإسرائيل شمالًا إلى الجنوب؛ لمنع أى تسلل أو هجوم عليها من جانب حماس أو أى مسلحين آخرين.
ذات المصطلح لم يأتِ نصًا فى تصورات إسرائيل أو رغباتها السابقة فى تهجير سكان القطاع إلى سيناء، ولكن التصور ذاته حمل نفس المعنى ونفس المضمون.. فقط جاء يوم السابع من أكتوبر ليعجل من محاولة تل أبيب تنفيذ تلك الرغبات.
الجميع يتحدث عن «اليوم التالى»، والغريب أنه لا مكان أبدًا فيه لقرارات أممية من المفترض أنه تم التوافق عليها، مثل حل الدولتين أو غيرها مما تمتلئ به مواد تلك القرارات. الغريب أيضًا أن «اليوم التالى» ليس من أسس التفكير السياسى العربى.. لذا نصيحة للجميع أن نكون أصحاب قرار فى «اليوم التالي» لغزة، وإلا سيتكرر المشهد بحذافيره مرة أخرى، وبقسوة وألم أشد.