بقلم - عبد اللطيف المناوي
بوادر التصعيد فى الكويت ظهرت قبل صدور الأمر الأميرى الأخير بحل البرلمان، عندما اجتمع 9 نواب، قبل إصدار القرار بيوم، فى مكتب النائب عبدالهادى العجمى، وطالبوا رئيس مجلس الوزراء المكلف، الشيخ أحمد العبدالله، بتشكيل حكومته وفقًا لما نص عليه الدستور، وإبعاد أى عناصر وزارية غير مرغوب بها من الشعب.
اتفق النواب المجتمعون على تقديم استجواب فورى إذا عاد الشيخ فهد اليوسف وزيرًا للداخلية، إضافة إلى استجوابات أخرى قد تُوجه إلى وزراء التربية والمالية والاتصالات.
ويُعد إعلان أمير الكويت الأخير تعليق بعض مواد الدستور هو التعليق الثالث فى تاريخ الحياة السياسية فى البلاد، إذ سبق أن تم اتخاذ إجراء مشابه لأول مرة عام 1976 خلال فترة حكم الشيخ صباح السالم الصباح، ومرة أخرى عام 1986 خلال فترة حكم الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح.
وقف العمل ببعض مواد الدستور عامى 1976 و1986 كان لأربع سنوات، وفى المرتين السابقتين تمت العودة إلى العمل بدستور عام 1962. التعليق الذى صدر الجمعة، وفقًا للأمر الأميرى، سيكون لأربع سنوات، وهى الحد الأقصى، وهذا يعنى أن الأمر قد ينتهى قبل ذلك. أبرز الأسباب التى دفعت أمير الكويت إلى حل مجلس الأمة، كما وردت فى خطابه، هو تجاوز صلاحيات رئيس الدولة، خاصة فيما يتعلق بتعيين ولى العهد، وينسحب الأمر على بقية المناصب مثل منصب رئيس الوزراء.
وكانت هناك مثل هذه التجاوزات الواضحة من جانب بعض السياسيين من أعضاء مجلس الأمة، مما بدا وكأنه محاولة «لى أذرع». والتأخر فى الحسم، وفقًا لعديد من المراقبين، كان سيؤدى إلى تداعيات خطيرة.
الأمير كان قد أشار إلى قلقه عندما تولى أمور البلاد فى 20 ديسمبر فى كلمته أمام البرلمان وقتها إلى أن «هناك عبثًا مبرمجًا حدث فى الفترة السابقة بالتوافق بين المجلس والسلطة التشريعية». ودعا- حينها- إلى الاهتمام بمعالجة القضايا التى تهم المواطنين. هذه الحالة استمرت حتى بعد انتخاب أعضاء مجلس 2024 مع تهديد بعضهم باستجواب بعض الوزراء السابقين فى حال دخولهم التشكيل الجديد، إضافة إلى محاولة البعض التدخل فى قرار اختيار ولى العهد، علمًا أن أمير البلاد هو الذى يمنح الثقة للوزراء، وهو يُعتبر «أبوالسلطات» وفق الدستور الكويتى.
وصل الجو السياسى فى البلاد إلى طريق مسدود، وكان الأمر قد وصل إلى نقطة حرجة تحتاج إلى موقف حاسم.
كما ذكرنا أمس، فإن أمير الكويت قدم مبررات قوية فى خطابه استند إليها فى قراره حلّ المجلس وتعليق بعض مواد الدستور، وهو قرار صعب.
قرار تعليق عمل مجلس الأمة الكويتى أثار مخاوف البعض من أن يؤدى إلى الارتداد عن التجربة الديمقراطية فى البلاد، وهو ما تحاول النخبة السياسية الكويتية المؤيدة لقرار الحل أن تنفيه، مؤكدين أن القرار يأتى إنقاذًا للبلاد ونظامها السياسى الديمقراطى. ويستدلون على ذلك بما حمله نص قرار الحل من أنه فى أقل من أربع سنوات ستتم «دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية»، وأن هذا القرار اتُّخذ «إنقاذًا للبلد وتأمينًا لمصالحه العليا والمحافظة على مقدرات الشعب