بقلم - عبد اللطيف المناوي
نظم عشرات الغزاويين مسيرة للتعبير عن امتنانهم وشكرهم لطلاب الجامعات الأمريكية الذين شاركوا فى احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين.
حدث ذلك فى مخيم بالقرب من مدينة «دير البلح» وسط قطاع غزة، حيث رفع الفلسطينيون، الذين يعانون منذ سبعة أشهر، رسائل شكر حملت أسماء بعض الجامعات الأمريكية التى تشهد احتجاجات واسعة تدين الهمجية الإسرائيلية، وتطلب وقف الحرب الدامية التى تخوضها إسرائيل فى غزة، مطالبين بوضع حد لقتل وتهجير الفلسطينيين، وحث بلادهم (أمريكا) ودول العالم الحر الأخرى على إيقاف التعامل مع إسرائيل ورفض مساعدة تل أبيب فى الأبحاث العسكرية.
وعلى الطرف الآخر، فى واشنطن، تحركت الآلة الداعمة لإسرائيل حيث صوّت مجلس النواب الأمريكى فجر أمس لصالح توسيع التعريف المعتمد فى وزارة التعليم لمصطلح «معاداة السامية»، فى خطوة لاتزال بحاجة لإقرارها من مجلس الشيوخ، وذلك إثر الاحتجاجات المؤيّدة للفلسطينيين فى جامعات البلاد، وفى محاولة لوقفها ومنعها مستقبلاً.
ووفقًا للتعريف الجديد، فإن «معاداة السامية» تصبح تصوّرا معينا لليهود، يُمكن أن يُترجم بكراهية تجاههم، وتستهدف المظاهر الخطابية والمادية لـ«معاداة السامية» أفرادًا يهودًا أو غير يهود أو ممتلكاتهم ومؤسسات مجتمعية وأماكن عبادة.
ويتهم جزء من الطبقة السياسية الأمريكية المتظاهرين فى الجامعات، بـ«معاداة السامية»، ويستدلون على ذلك برفع المحتجين شعارات معادية لإسرائيل، إذن فإنه وفقًا لمشروع القانون الجديد سيكون رفع شعارات تهاجم أو تنتقد إسرائيل، يقع تحت طائلة القانون، باعتبارها جريمة «معاداة السامية».
هناك بالتأكيد منتقدون لهذا المشروع بقانون، إذ يرون أن هذا التعريف يحظر أى انتقادات لدولة إسرائيل، بل ويتهم المنتقدون أعضاء بعينهم فى الكونجرس، بالسعى لإقراره سريعًا من أجل استخدامه للحد من حرية التعبير فى الجامعات الأمريكيّة.
ولكى يصبح هذا النص تشريعًا ساريًا يتعين على مجلس الشيوخ أن يعتمده، وهو أمر لا يزال غير مؤكد، قبل أن يُحال إلى الرئيس جو بايدن لتوقيعه ونشره.
يبدو أن المدافعين عن إسرائيل هناك لا يهتمون كثيرًا بالصورة التى يتم تصديرها لأمريكا الآن كنظام يقمع الحريات، وهذا عبّر عنه أستاذ الشؤون الدولية فى جامعة جورجيا، كاس مود، فى مقال له فى صحيفة «الجارديان» البريطانية أعطى له عنوان «لماذا تواجه الجامعات الأمريكية موجة قمع فى أرض الحريّة؟». وعبر فيه مود عما أصاب الناس من صدمة فى جميع أنحاء العالم بعد مشاهدتهم لقطات لضباط الشرطة المدججين بالسلاح وهم يعتقلون الطلاب والأساتذة المحتجين سلميًا فى حرم الجامعات الأمريكية.
وكما يقول فإن «أرض الحرية وموطن الشجعان»، حسب تعبيره، لا تبدو حرة ولا شجاعة، باستثناء المتظاهرين الشجعان الذين يواصلون الوقوف فى وجه قمع الدولة التى تسير وفق أهواء الضغط الإسرائيلى، الذى يبدو أنه فى سبيله إلى إنهاء أسطورة أن أمريكا أرض الحرية.