بقلم - عبد اللطيف المناوي
نظام الحكم فى إيران له خصوصية كبيرة، بسبب وجود مرشد أعلى، ورئيس للجمهورية. ومسألة الرحيل المفاجئ للرئيس لا تبدو مطمئنة لطهران، حتى لو كان الرحيل لأسباب طبيعية أو قضاء وقدر.
ورغم كل ما قيل عن أن «رئيسى» كان المرشح الأول لخلافة المرشد الأعلى، «خامنئى»، إلا أن عددًا من المعارضين له يرون أن يده ملطخة بدماء آلاف المعارضين الإيرانيين، الذين عارضوا مبادئ الثورة الإسلامية فى فترة الثمانينيات، حيث كان «رئيسى» يتولى مناصب فى السلطة القضائية، التى كانت بمثابة ذراع باطش لثورة «الخومينى» ضد معارضيها.
لقد انتمى «رئيسى» إلى دائرة خاصة من النخبة السياسية الإيرانية، وفى السنوات القليلة الماضية أصبح آخرون فى الطبقة السياسية يشعرون بالقلق بشأن طموح الدوائر المحيطة به، ومع رحيله قد يتبدل شعور القلق هذا بشعور ارتياح، حيث كان «رئيسى» يدعم مجموعة بعينها، على حساب محافظين أكثر رسوخًا، مثل رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.
وفى الانتخابات البرلمانية، التى جرت منذ فترة قليلة، شهدت هجومًا شرسًا من المجموعة المحسوبة على «رئيسى»، ضد «قاليباف»، الذى بدأت بعض التكهنات فى القول إنه سيكون الرئيس الجديد، وعليه فإن غياب «رئيسى» قد يُغير موازين القوى فى إيران.
«قاليباف» كان متضررًا من وجود «رئيسى»، لا خلاف فى هذا، ولكنه قد يلقى دعمًا قويًا خلال الفترة المقبلة، لاسيما أنه كان قائدًا فى الحرس الثورى الإيرانى خلال الحرب الإيرانية- العراقية، كما أنه تولى منصب رئيس بلدية طهران فى الفترة من 2005 حتى 2017.
وقد خاض «قاليباف» أكثر من مرة الانتخابات الرئاسية، لكن فى الوقت نفسه قد يكون «خامنئى» غير سعيد بوصول شخص مثل «قاليباف» إلى الرئاسة. أما خارج إيران فإن المستفيدين من غياب «رئيسى» قد يكونون كُثُرًا، أولهم ولاشك الرئيس الأمريكى، أيًا ما كان اسمه، سواء بايدن أو ترامب، فقد سارع الرئيس الحالى بوصف «رئيسى» بأنه رجل ملطخة يداه بالدماء، بينما كان ترامب دائم الهجوم عليه أثناء فترة رئاسته، بل إنه اتخذ قرار الانسحاب من الاتفاق النووى، وهو القرار الذى تحاول جميع القوى فى العالم إعادته للحياة من جديد.
ستكون السلطة فى إسرائيل مستفيدة كذلك، ولا ننسى أن «رئيسى» كان الوحيد الذى اتخذ قرار ضرب العمق الإسرائيلى بطائرات مسيرة وبصواريخ بعيدة المدى، ورغم عدم أهمية الضربة عسكريًا، إلا أنها كانت مقلقة نفسيًا.
سيكون الغرب مستفيدًا أيضًا بسبب ما تُشكله أذرع إيران فى المنطقة من قلق للدولة العبرية، وللملاحة فى منطقة البحر الأحمر، وربما يكون غيابه نفسًا مختلفًا لهؤلاء.
المستفيدون من غياب «رئيسى» كثيرون، والمتضررون كذلك كثيرون، ورغم أن الرئيس الإيرانى الراحل لم يكن نجمًا تليفزيونيًا كخاتمى أو نجاد، إلا أنه ربما كان أكثر تأثيرًا منهما.