بقلم - عبد اللطيف المناوي
هل يُمكن اعتبار الخطأ الكبير الذى وقعت فيه شركة الملابس ذات الاسم التجارى العالمى فى حملتها الإعلانية الأخيرة موقفًا سياسيًّا أم غباءً شديدًا؟!.
هذه الحملة التى نتج عنها الدعوة لحملة مقاطعة كبيرة فى الغالب سوف تتأثر بها مبيعات الشركة كثيرًا.
تبدأ الحكاية عندما نشرت الشركة على حساباتها فى مواقع التواصل حملتها الإعلانية الجديدة، حيث ظهرت عارضة الأزياء الأمريكية كريستين ماكمينامى، وهى تقف وسط ركام، ويحيط بها ما يشبه جثة إنسان تم لفها على شكل «الكفن».
كما نشرت صورًا لعارضة الأزياء وهى داخل صندوق خشبى وكأنه «تابوت»، وظهر شخص يبدو كأنه «قام من تحت الأنقاض»، وفى صورة أخرى ظهرت من داخل صندوق محطم وأمامها ما يظهر كـ«جثة فى كيس موتى»، وهو ما ربطه البعض بالمشاهد المروعة التى انتشرت لجثث الفلسطينيين الذين قُتلوا بالقصف الإسرائيلى فى غزة.
ورغم أن الشركة عادت وحذفت الصور من حسابها، فإن تداولها على منصات التواصل الاجتماعى لم يتوقف.
الشركة أصدرت بيانًا معتذرة عن سوء الفهم عن محتوى الحملة الإعلانية، وقالت «تمت إزالة جميع الصور، ونأسف لسوء الفهم، ونؤكد احترامنا العميق تجاه الجميع»، كما قال البيان، لكن هذا لم يخفف من حدة الانتقادات ومن قوة الحملات التى انطلقت ضدها.
الشركة تقول إن الحملة الإعلانية تم تصميمها فى شهر يوليو الماضى وتصويرها فى سبتمبر، أى قبل الحرب بين إسرائيل وحماس، وإن الصور كانت عبارة عن منحوتات غير مكتملة تم إنشاؤها لغرض وحيد هو عرض الملابس المصنوعة يدويًا فى سياق فنى.
تقديرى الشخصى أن ما حدث هو غباء شديد سيطر على من فكر فى الحملة وصممها بشكل يخاصم الذوق والحس الإنسانى فى كل الأوقات، حتى لو كان ذلك قبل وقوع مجازر غزة، فإن كان تنفيذها تم بعد أحداث غزة فهذه جريمة وغياب كامل لإحساس ومسؤولية من وضع صياغة هذه الرسالة التى من المفترض أن الهدف منها جذب مستهلكين وليس تنفيرهم أو استعداؤهم.
حتى لو كانت الحملة منفذة قبل أحداث غزة، وتم نشرها بعدها، فإن الخطأ يقع على من وافق على نشر الحملة، لأنه إما أن يكون مُغَيبًا عن العالم والأحداث التى تدور من حوله، وإما أنه شخص موتور تتحكم فيه مواقفه الشخصية، فيتسبب فى تدمير مؤسسة اقتصادية أو على الأقل إصابتها بأضرار شديدة فى سمعتها واقتصادياتها.
الرسالة الموجهة للجمهور- أى جمهور- إذا لم تحسُن صياغتها فإنها تتحول إلى انتحار غير مأسوف على صاحبه.