بقلم - عبد اللطيف المناوي
ذكرت في المقال السابق أن الرئيس الأمريكى جو بايدن سيواجه موقفًا مختلفًا، عند زيارته للمنطقة، وهذا الموقف نابع من أمرين: الأول هو التكتيك العربى المغاير، الذي يعتمد على ضرورة إقامة علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة، مع الاعتراف بأنها حليف استراتيجى ثابت، مع إمكانية وجود شراكات أخرى مع قوى عالمية أخرى، والأمر الثانى هو التغيرات التي شهدتها الساحة العالمية أخيرًا، والتى جعلت الدول العربية في موقف قوة.
وفى السطور التالية أواصل الحديث عن زيارة بايدن للمنطقة، والتى تبدأ يوم 13 يوليو الجارى، ولكن أخصص حديثى هذه المرة عن مصر لأعرض وجهة نظرى حول مدى الاستفادة المصرية من تواجد بايدن في المنطقة، ولاسيما الملفات الحائرة دائمًا بين الديمقراطيين والجمهوريين.
علاقات الود المصرية الأمريكية، والتى وضحت في عهد ترامب، ربما شابها الكثير من القلق والتوتر مع مجىء بايدن إلى البيت الأبيض، حيث بدَت المواقف وكأنها شبيهة بمواقف أوباما من دولة 30 يونيو، والتى بدأت بالتوجس، ثم انتهت بالاعتراف والدعم المشروط.
وأرى أن تتم مواجهة الرئيس بايدن بالتداعيات السلبية التي نجمت عن دعم الأمريكان في إدارة أوباما لجماعة الإخوان الإرهابية، في فترة ما سُمى «الربيع العربى»، إذ اختارت الولايات المتحدة في هذا الموقف منطق المصلحة الكاملة والمتجردة من أي قيود أو اعتبارات أخرى ولو موضوعية أو متعلقة بطبيعة الشعب المصرى الرافض لهذا النوع من التفكير والتوجه.
أرى كذلك أن يتم طرح أزمة سد النهضة بشكل واضح، مع الاستمرار الإثيوبى في السير بشكل أحادى، فترامب على سبيل المثال كان له توجه واضح في هذه المسألة، حتى إنه كان نصيرًا لحق مصر في حماية ثروتها المائية، بالطريقة التي تراها.
ملفات أخرى كفهم طبيعة حقوق الإنسان، والمساعدات، والتعاون المشترك، أرى أن من الضرورى أن يتم فتحها، ومناقشتها معه، خصوصًا إذا كان ذلك مدعومًا بموقف عربى قوى.
ليس جديدًا أن زيارة بايدن للمنطقة تؤكد عمق العلاقة التاريخية بين مصر وأمريكا، فقائمة المصالح بينهما كبيرة، ولا يمكن إلغاؤها أو تجاهلها بسهولة، بعد تراكمها على مر عقود، لكن المتغير أن العلاقة ربما ستشهد تغيرًا، فمصر- كما العرب- تملك أوراقًا مهمة، لذا فإن منطق المصلحة سيكون أساسيًّا للتعامل بين الجانبين، مع وجود مساحات من المرونة بكل تأكيد.
نتائج الزيارة، ولا شك، ستوضح الملامح المستقبلية للعلاقات المصرية الأمريكية، فإذا رغب بايدن في تعاون على أسس مختلفة عن السابق، فأهلًا، أما إذا كان آتيًا على ما هو ثابت في السابق، فإنه بالتأكيد مخطئ، فلا تحالفات حصرية في هذا الزمان، ولا اعتبارات لأحد مهما كانت قوته، فالعالم يتغير، والقوى تتبدل وتتنوع سريعًا، والحياة تستمر، ولابد أن تستمر.