بقلم - عبد اللطيف المناوي
من سمات منتدى دافوس تلك الأجندة الخاصة بكل مشارك يحدد فيها أى الجلسات سيحضر، أى الأشخاص سيلتقى، وأيضا أى الدعوات، إفطار أو غداء أو عشاء، سيلبيها. الميزة الأساسية فى كل هذه الدعوات أنها ليست مجرد دعوة على طعام، لكنها فى معظمها تتحول إلى دائرة حوار يشارك فيها الحضور.
من أشهر دعوات العشاء التى يتميز بها دافوس ذلك العشاء الذى يدعو له رجل الأعمال المصرى المعروف محمد شفيق جبر، الذى يشارك فى دافوس منذ حوالى 35 عامًا. موعده ثابت كل عام فى ليلة افتتاح أعمال المنتدى. لاحظت أن الإعداد لهذا العشاء وتوجيه الدعوات للمشاركين يتم قبل موعده بأشهر، ومن يطلع على قائمة الحضور سيفهم لماذا هذا الإعداد الطويل.
مازال عديد ممن اعتادوا حضور منتدى دافوس يتذكرون الليلة المصرية التى دعا إليها جبر كالعادة، وحضرها 2500 شخص، بينهم 11 رئيس جمهورية وعدد كبير من السياسيين والمسؤولين ورجال الأعمال والفنانين المصريين ومن مختلف دول العالم، ويذكرون تلك الليلة التى غنى فيها عمرو دياب، وكيف أصاب عمرو دياب التوتر الشديد من الغناء أمام تلك النوعية من جمهور لم يتعوّد مواجهته فى ذلك الوقت، ونجحت يسرا وحسين فهمى فى تهدئته ليغنى. وكانت ليلة مصرية مازالت فى ذاكرة كل من حضرها.
تميز هذا العشاء دائما بطبيعة المشاركين فيه وتعدد جنسياتهم واتجاهاتهم وتخصصاتهم. يحضر حوالى مائة شخصية من حوالى عشرين دولة على الأقل. هذا العام شارك أعضاء من الكونجرس وعديد من رؤساء أهم مراكز البحث العالمية، ورؤساء بنوك عالمية وشركات دولية، ومسؤولين اقتصاديين من الصين، وأسماء مهمة فى مجال الإعلام الدولى والعربى.
منذ لحظة الاستقبال، الذى يمتد حوالى ساعة وحتى نهاية العشاء، الذى يمتد هو الآخر لما يقرب من ثلاث ساعات، تدور حوارات ونقاشات بغير توقف عن أسعار الفائدة والذكاء الاصطناعى، ما له وما عليه.. ثم الحديث عن حربى غزة وأوكرانيا واحتمالات نهاية الحربين.. وكان لاحتمالات عودة ترامب إلى الرئاسة نصيب محترم من النقاش، ما بين متفائل بعودته، ومتخوف من شططه.
لم يتوقف الحوار الذى أداره شفيق جبر بحرفية لحظة واحدة. الخط العريض الذى يمكن الحديث عنه هنا- لأن قواعد «تشاتم هاوس»، أى عدم النشر عن آراء المشاركين هى الحاكمة- أن حالة عدم اليقين مازالت تسود العالم فى قضاياه الرئيسية المختلفة. وطرح أحد المتحدثين مفهوم «الواقعية» كبديل عن «التفاؤل» أو «التشاؤم».. وأن الحوار والتفاوض هو الأسلوب الوحيد لحل كل تلك المشكلات، سواء فى غزة أو أوكرانيا أو استعادة الصين للنسيج الاقتصادى العالمى.
ما يفعله عشاء شفيق جبر هو إنجاز مصرى مهم ومستمر فى مجال الاتصال الدولى.