بقلم - عبد اللطيف المناوي
«الجريمة الضاحكة» هو اسم فيلم مصرى في الستينيات، مأخوذ عن رواية للكاتبة البريطانية، كاترين كوك، وهى كاتبة كانت تكتب الروايات البوليسية التي لا تخلو من فكاهة وطرافة، وهذا وضح في بعض الأفلام المصرية التي أخذت أحداثها عن رواياتها.
وما حدث مع مجموعة «لوك بت» للقرصنة الإلكترونية أستطيع وصفه بأنه جريمة ضاحكة، أو مُضحِكة (بضم الميم وكسر الحاء)، باعتبار أن عملية تفكيك أكبر وأهم مجموعة قرصنة إلكترونية أمر مضحك لأنه ببساطة يمكن وصفه بأنه «قرصنة على قرصنة».
يُعرِّف الإنتربول جرائم القرصنة بأنها «جرائم مُربحة» لأصحابها بالتأكيد، لكن لها تبعات اقتصادية سلبية لمَن تقع عليهم عملية القرصنة، فهى تُعرّض المستهلكين (الضحايا) لخسائر مالية محتملة، وتفتح الباب أمام مخاطر أمنية مثل سرقة الهوية أو اطّلاع الأطفال على محتويات غير ملائمة.
هذا هو تعريف الإنتربول لعملية القرصنة، وهو بالفعل ما حدث مع ضحايا مجموعة «لوك بت» للقرصنة الإلكترونية «الأكثر ضررًا ونشاطًا» في العالم، حسبما وصفتها وزارة العدل الأمريكية في نوفمبر 2022، وما فعلته الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا أنها أقدمت على عملية قرصنة على القراصنة، فاخترقت شبكة المجموعة، وسيطرت على خدمات «لوك بت»، ما أنهى مشروعها الإجرامى برمّته، كما وُصف في أكثر من وكالة أنباء عالمية.
هي بالفعل جريمة مضحكة، فهذا البعبع الكبير الخطير، الذي استهدف آلاف الضحايا حول العالم، وتسبب في خسائر بمليارات اليوروهات، تم تفكيكه، بل إن المدير العام للوكالة، جرام بيجر، خلال إعلانه تفكيك الشبكة، في مؤتمر صحفى في لندن، قال: «لقد قرصنّا المُقرصِنين».
ولمعرفة خطورة الشبكة، فإنها استطاعت جمع أكثر من 120 مليون دولار من الفديات التي طلبتها من الضحايا، وقد قُدر عدد الضحايا بحوالى أكثر من 2500 ضحية، بمَن فيهم أكثر من 200 في فرنسا، وقد استهدفت تلك الشبكة مستشفيات ومجالس بلدية ومؤسسات كبيرة وصغيرة على السواء، بل مجموعات صناعية مهمة على مستوى العالم. ونفذت المجموعة أكثر من 1700 هجوم إلكترونى ضد ضحايا في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى، خصوصًا أستراليا وكندا ونيوزيلندا.
الذين قرصنوا القراصنة كتبوا على موقعهم: «هذا الموقع الآن تحت سيطرة سلطات إنفاذ القانون»، مشيرين إلى أن الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في بريطانيا وضعت يدها بالفعل على الموقع بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالى الأمريكى (FBI)، الذي أكد تعاون وكالات إنفاذ القانون في أكثر من 11 دولة شاركت في العملية، وقد شهدت العملية مصادرة 11 ألف نطاق تستخدمه مجموعة «لوك بيت» والمجموعات المرتبطة بها لتسهيل دفع الفدية.
الذين «قرصنوا القراصنة» قاموا بعملية الاختراق على أسس إلكترونية علمية، واستخدموا التكنولوجيا في تحويل الضرر إلى نفع، وهذا اختلاف تام عن «أسلوب» تحويل النفع إلى ضرر.