بقلم : عبد اللطيف المناوي
هل من الوارد أن يكون الذكاء الاصطناعى موضة وتنتهى؟.
علمتنا التكنولوجيا أنه لا كبير فيها، ولا شىء محسوم، حتى مع مرور الزمن.
من الوارد جدًّا أن ينتهى الذكاء الاصطناعى لو لم يحقق النتائج المرجوة منه. وارد أن ينتهى إذا لم يحقق مكاسب تغطى ما يُصرف عليه. نعم هذه حقيقة، وكأنه مشروع صغير فى أصغر شارع بمصر لأنه ببساطة لن ترضى الشركات التكنولوجية المهمة بأقل من المكاسب التى تجنيها من استثماراتها الأخرى.
فى السنوات الأخيرة، بات الذكاء الاصطناعى يُنظر إليه كأحد أبرز مجالات الاستثمار التكنولوجى، وهو ما تجلى فى التدفق الهائل للأموال نحو تطوير تقنياته. ومع ذلك، يبرز تساؤل مهم حول مدى قدرة هذه الاستثمارات على تحقيق العوائد المرجوة، خاصةً بعد الإخفاقات الأخيرة لبعض شركات التكنولوجيا الكبرى.
تكشف الأرقام عن حجم الاستثمارات الضخمة فى هذا القطاع، حيث من المتوقع أن تنفق شركات التكنولوجيا الكبرى مثل «ألفابيت»، «أمازون»، «ميتا»، و«مايكروسوفت» حوالى ١٠٤ مليارات دولار على بناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعى هذا العام، ويُتوقع أن يصل إجمالى الإنفاق على هذه المراكز إلى أكثر من ١.٤ تريليون دولار حتى عام ٢٠٢٧. ورغم هذه الأرقام الضخمة، فإن بعض الشركات لم تحقق الأهداف المالية المتوقعة، مما أثار القلق بين المستثمرين والمحللين.
أحد أبرز التحذيرات جاء من رئيس شركة «ألفابيت»، سوندار بيشاى، الذى حذر من أن مخاطر تراجع الاستثمارات قد تكون أكبر من مخاطر زيادتها، مشيرًا إلى المخاوف المتعلقة بالإنفاق الرأسمالى المرتفع. كما شهد مؤشر «ناسداك» تراجعًا ملحوظًا بعد إعلان نتائج «ألفابيت»، وهو ما يعكس القلق السائد فى السوق.
على الرغم من هذه المخاوف، فإن الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعى تتواصل بشكل متزايد. وتتصدر شركة «إنفيديا» فى صناعة الرقائق الإلكترونية، وتحقق مبيعات متوقعة تصل إلى ١٠٥ مليارات دولار هذا العام، فى زيادة ملحوظة مقارنة بالعام الماضى. وشركات مثل «ديل» و«هيوليت باكارد» شهدت أيضًا زيادة كبيرة فى مبيعات تقنيات الذكاء الاصطناعى.
لكن، لا يمكن تجاهل التحديات التى تواجه هذا القطاع. من أبرزها، الاعتماد الكبير على الطاقة، حيث تستهلك مراكز بيانات الذكاء الاصطناعى كميات هائلة منها. فى ظل النقص الحالى فى الطاقة المتجددة، قد تجد الشركات صعوبة فى تأمين الطاقة اللازمة لتشغيل هذه المراكز بشكل مستدام.
قد تواجه الاستثمارات فى الذكاء الاصطناعى ركودًا كبيرًا. لذا، يتطلب تحقيق العوائد المأمولة ضمان استدامة نمو الطلب والتغلب على المشكلات المرتبطة بالطاقة وسلاسل التوريد.
يستمر التقدم فى مجال الذكاء الاصطناعى فى جذب الاستثمارات، بينما تبقى هناك تحديات كبيرة تهدد تحقيق العوائد المرجوة. ويظل على المستثمرين والمطورين مراقبة تطورات السوق بعناية لضمان استدامة هذا القطاع الحيوى، الذى لا شك فى كونه ثورة حقيقية فى مجال التكنولوجيا.