بقلم - عبد اللطيف المناوي
المناقشات الدائرة الآن فى مؤتمر cop 28 الذى تحتضنه دولة الإمارات العربية المتحدة، بقدر ما هى طموحة للوصول إلى صيغ جديدة لمكافحة آثار التغير المناخى، بقدر ما هى صادمة بسبب الكثير من الإحصاءات التى ذُكرت.
وأخص هنا إحصائية للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، والتى أكدت أنه على مدار الـ50 عامًا الماضية، تسببت الأحوال الجوية القاسية فى خسائر اقتصادية تزيد على 4.3 تريليون دولار، وفضلا على هذه الخسائر الاقتصادية هناك خسائر بشرية، فحسب المنظمة أن هناك 2 مليون شخص فقدوا حياتهم بسبب التغيرات المناخية، كان يعيش 90% منهم فى الدول النامية.
وللأسف هذه الأرقام آخذة فى الارتفاع، وبنسبة كبيرة يدفع ثمنها البلدان الأكثر فقرًا والأكثر ضعفًا. والسبب ببساطة أن البلدان الغنية تستطيع إصلاح الأضرار الناجمة عن كل الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، كما يتم إخماد الحرائق وإجلاء المحتاجين، وهى إجراءات تحتاج إلى استقرار وميزانيات تفتقدها تماما الدول الفقيرة، حيث رأينا مثلا أن الفيضانات تدمر قرى كاملة وتمحو معالم مدن. السؤال الذى يجب أن يُسأل هنا هو كيف لهذه الدول المتقدمة من أوروبا وأمريكا والتى تشارك فى المؤتمر أن تساعد الدول الفقيرة على تجنب هذه الخسائر، خصوصا البشرية منها؟. نصف الإجابة مفهوم ومعروف، إذ دفعت هذه التأثيرات الكارثية، على أولئك الذين لم يتسببوا من الأساس فى تغير المناخ، إلى تأسيس صندوق للخسائر والأضرار، وهو قرار يشكرون عليه، فقد أعلنت مجموعة من الدول عن حجم مساهماتها فى ترتيبات الصندوق، وقالت الولايات المتحدة إنها ستسهم بمبلغ 17.5 مليون دولار، فيما تعهدت اليابان بتقديم 10 ملايين دولار، وأعلنت بريطانيا أنها ستسهم بما يصل إلى 60 مليون جنيه إسترلينى (أى ما يقرب من 76 مليون دولار)، بينما قالت ألمانيا إنها ستسهم بـ100 مليون دولار، وهو المبلغ نفسه الذى أعلنت الإمارات المساهمة به.
ولكن نصف الإجابة الآخر الذى يحتاج إلى توضيح هو: كيف لهذا العالم المختلف فى موقفه تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، وتجاه العدوان الغاشم لإسرائيل وحرب الإبادة على غزة، أن يتفق من أجل إنقاذ الملايين من الموت بسبب التغيرات المناخية؟!. هذا المجتمع الدولى (المتقدم) الذى من المفترض أن يتوحد قراره سياسيا فى صالح الإنسان عموما، لا بد أن يُسأل عمّا اقترفته خلافاته، كما لا بد أن يُسأل عن الآثار السلبية الناجمة عن الآثار السلبية المناخية التاريخية التى راح ضحيتها الملايين وفق التقرير. حسنا فعلت الآن دولة الإمارات العربية فى cop 28، وحسنا فعلت من قبلها مصر فى cop 27، فى محاولاتهما ومجهوداتهما لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن لا بد من إجابة عن السؤال أو حتى مناقشته، والله أعلم.