بقلم - عبد اللطيف المناوي
كان رد الفعل على الخطأ الذى وقعنا فيه كمؤسسة مفاجئًا لنا. المفاجأة هنا فى تلك الحالة التى أصر عليها البعض، منهم زملاء مهنة، فى التصعيد! وكأن هذا الخطأ هو تعبير عن موقف وعقيدة لدى المؤسسة.
ما خفف عنا هو ذلك الاستقبال الطيب من قداسة البابا تواضروس للاعتذار والتوضيح الذى قدمته له. أيضًا ذلك التفهم الذى لقيناه من كثيرين بأن تاريخ المؤسسة ومؤسسيها ومن يديرونها لا يمكن أن يقبلوا مثل هذا الفكر البالى المتخلف.
لم يكن فى توجهات هذه المؤسسة وتاريخها إلا ما يدعم التفكير الحر والليبرالية، ولم يكن موقفها إلا داعمًا للتنوير ومحاربًا ومحاصرًا لكل أشكال الأفكار الظلامية.
نحن لا نقبل استخدام صفة «الكفر» فى وصف من هو مختلف فى الدين عن الآخر. هذا ليس سلوكًا حضاريًّا ولا يمتّ بصلة للفهم الصحيح لطبيعة المجتمعات التى تقرر أن تكون مجتمعات صحية وقوية بناسها.
ما حدث هو دليل جديد على أننا ما زلنا غير محصنين بشكل كامل فى مختلف مستويات ونسيج المجتمع؛ بدليل أن مؤسسة مثل «المصرى اليوم» يمكن أن يمر منها هذه الآفة التى ما زالت ساكنة فى نسيجنا حتى لو كنا نظن غير ذلك. وكما ذكرنا أمس أن هذا التفكير هو آفة سلبية أصابت الكثيرين فى المجتمع المصرى، لطالما حاولت المؤسسة طوال تاريخها أن تواجهها وتحاربها.
سياستنا واختيارنا تحرير العقول، وإتاحة المجال بقدر المستطاع للأفكار المستنيرة والمحفزة للتفكير. اختيارنا كان دومًا فى اتجاه تحديث الفكر والخطاب الدينى، موقفنا كان دومًا، وسيظل، داعمًا لحرية العقيدة واحترام الأديان ودعم حرية الاختيار. هذا ليس إعلانًا حديثًا عن هذا الموقف ولكنه تأكيد لثوابت وأعمدة فى البنيان الفكرى والمهنى لهذه المؤسسة وللقائمين عليها.
من قبل أن تثور الضجة، المستحقة، أمس الأول، حول ما نُشر بالصحيفة فإن المؤسسة بادرت باتخاذ قرارات حاسمة بإجراء تحقيق مكثف حول الموضوع والاعتذار للقراء. كان هذا قرارًا نابعًا من قناعاتنا وقبل أى تصعيد. وسيتم محاسبة المتجاوزين بعقاب حازم.
كان انزعاجنا بنفس مستوى انزعاج القراء، وهذا يؤكد على التوجه الرئيسى لنا الداعم لحرية التوجه والاعتقاد.
سنستفيد مما حدث لدراسة كيف يمكن أن نتلافى مثل تلك الأخطاء، ونؤكد لكل من يعمل معنا ملامح شخصية هذه المؤسسة التى جعلت من التنوير اتجاهًا تؤمن به.