بقلم - عبد اللطيف المناوي
فرصة أخرى ضائعة، نعيش عصرا منها. تضيع الفرصة تلو الأخرى، وعندما ندرك منطقيتها تكون الفرصة قد ضاعت. والقضية الفلسطينية هى نموذج مثالى يؤكد هذا المفهوم، مر عليها تاريخ من الفرص التى تم إهدارها، وليس هناك صعوبة فى استحضار العديد منها. «المبادرة المصرية» لوضع حد لحرب غزة هى آخر هذه الفرص، رغم ما قيل من أن المقترح المصرى المتداول لوقف إطلاق النار بقطاع غزة لا يعد إلا مقترحا أوليا قابلا للتطوير عند الحصول على موافقة كافة الأطراف، لكن يبدو أن الأطراف المتناقضة توحدت من أجل الإطاحة بفرصة جديدة. المقترح الذى عملت عليه مصر طويلا وجرى تعديله أكثر من مرة، يطرح تنفيذ هدن إنسانية مؤقتة لفترات زمنية قصيرة يتم خلالها وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات بشكل أكبر من الحالى، مع تنفيذ صفقات لتبادل الرهائن.
إذن، المطروح هدنة إنسانية، تفرج حركة حماس عن الرهائن المحتجزين لديها من نساء وأطفال ومرضى مقابل إفراج إسرائيل عن عدد يُتَفق عليه من السجناء الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية. يتوقف إطلاق النار توقفا كاملا فى قطاع غزة كافة من الجانبين، يُعاد نشر القوات الإسرائيلية بعيداً عن التجمعات السكنية، يُسمح بحرية حركة المواطنين والسيارات من الجنوب للشمال.
هناك العديد من التفاصيل الخاصة بالمبادرة، ووفقا لمراقبين عدة فإن هذه المبادرة هى الأكثر اكتمالا وواقعية. وتنفيذها يتطلب وجود نوايا جادة من الأطراف المختلفة لضمان نجاحها. وقد تكون هذه هى الأزمة الحقيقية، وجود «نوايا جادة»، وهو الأمر الذى لا يبدو أنه حادث فى هذه المرحلة.
من بين ردود الفعل الأولى، كان من السلطة الوطنية الفلسطينية التى أبدت اعتراضها على تشكيل حكومة كفاءات «تكنوقراط» تدير مرحلة انتقالية تجرى خلالها انتخابات رئاسية وبرلمانية فى جميع الأراضى الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة. ووفق بيان للجنة التنفيذية لـمنظمة التحرير الفلسطينية- نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»- فقد رُفضت مسألة تشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة الضفة وغزة بعيدا عن إطار مسؤولية منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها كممثل شرعى ووحيد لتمثيل الفلسطينيين.
وأكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أنها قررت تشكيل لجنة من أعضائها لمتابعة ما يترتب عليها من مخاطر تمس مصالح الشعب الفلسطينى وحقوقه الوطنية الثابتة. وهناك أنباء عن وفد يضم ممثلين عن عدد من الفصائل الفلسطينية، برئاسة حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى القاهرة خلال الأيام المقبلة؛ لبلورة رؤية فلسطينية شاملة تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وانضمام حماس لمنظمة التحرير، والدعوة إلى مؤتمر دولى لإعادة إعمار غزة بعد الحرب.
مصر أعلنت أن كل ما يتعلق بموضوع الحكومة الفلسطينية، هو موضوع فلسطينى محض وهو محل نقاش بين كل الأطراف الفلسطينية.
ما أتمناه، وأظن معى كثيرون، ألا يضيع الفلسطينيون ومن قبلهم الإسرائيليون فرصة أخرى من مسلسل الفرص الضائعة.