بقلم -عبد اللطيف المناوي
فى أواخر ديسمبر من العام الماضى (2023)، صرح وزير المالية، الدكتور محمد معيط- فى بيان صحفى من الممكن الرجوع إليه بسهولة- بأن القطاع الخاص سيكون قاطرة التنمية والتعافى والنمو الاقتصادى التى يراهن عليها بشكل أكبر فى عام 2024. أما الآن، ونحن نختم الأيام العشرة الأولى فى مارس، وبعد الحدث الذى كنا ننتظره منذ فترة، والمتعلق ببدء طريق القرارات الإصلاحية التى تتعلق بتحرير سعر الصرف، ننتظر أيضًا وعد الدكتور معيط فى إشراك القطاع الخاص، باعتباره كما قال قاطرة التنمية، فيما سيحدث خلال الفترة المقبلة من ممارسات اقتصادية لإكمال عملية تصحيح المسار.
فى مقالات سابقة- يمكن العودة إليها أيضًا بسهولة- طالبت بضرورة الاستثمار الأجنبى المباشر كأحد المحفزات الاقتصادية القوية، وفى المقال السابق أوضحت أن هناك أمنيات لو تحققت بعد تلك الحركة التصحيحية، فإن الاحتمال الأكبر هو الخروج فعلًا من عنق الزجاجة، وأخصص الحديث هنا عن القطاع الخاص، وتهيئة بيئة مواتية للاستثمارات الخاصة المحلية.
وهنا سأقتبس ما هو مكتوب فى إحدى مدونات البنك الدولى، والذى يشير إلى أن القطاع الخاص هو محرك النمو الاقتصادى، وسواء أفلتت بلدان العالم من الركود أم لم تفلت، ستعتمد فى نهاية المطاف على كيفية تحرك الشركات الخاصة والمستهلكين على مدى الأشهر والسنوات القليلة القادمة.
يقول المثل الصينى إن «الأزمة هى فرصة تركب رياحًا خطرة»، فقد تكون الأزمات فرصًا مواتية فعلًا لتحفيز العمل على صعيد السياسات، وأظن أن مصر تحملت تلك الرياح الخطيرة للصدمة الاقتصادية، وهى الآن على أعتاب نهوض يملك الفرصة ليكون حقيقيًّا ومستمرًّا، يجب العمل على تحقيقه بأى شكل، حتى لا نتعرض لعثرات جديدة.
ولا شك فى أن الحكومة المصرية، وخلال الفترة الماضية، ذلّلت بعض العواقب من أجل تشجيع المستثمرين المصريين والشركاء الدوليين على الاستفادة بما يمتلكه الاقتصاد المصرى من محفزات تنافسية، دافعة إلى التوسعات الإنتاجية والتصديرية، تجعله أكثر قدرة على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية. هذا على مستوى القوانين والتشريعات والتصريحات.
إذن، ما المطلوب فى اللحظة الراهنة؟.
أظن أن النية لدى شركات القطاع الخاص للمشاركة فى قطار التنمية موجودة، خصوصًا بعد الحركة التصحيحية، ولكن الشرط هو قدرة الحكومة على تبنى سياسات حقيقية أكثر تهدف إلى استعادة الثقة وتعميقها. المتوقع دعم حقيقى لبعض القطاعات أو الصناعات، ما يعزّز قدرة تلك الشركات على التنافس. لا يكون ذلك بمنع الاستيراد، لكن بدعم القدرة التنافسية مع السلع المستوردة فى الأسواق المحلية، وامتلاك القدرة على تلبية المستويات التى تؤهل للقدرة على التصدير.
المطلوب أيضًا التعامل مع القطاع الخاص، الوطنى والأجنبى، باعتباره شريكًا للتنمية وليس مزاحمًا فيها، ففى النهاية أصحاب رؤوس الأموال هم مستثمرون لن يحققوا أهدافهم ما لم ينجحوا فى استثماراتهم. هم يقدمون خدماتهم، التى هى فى جانب مفيدة لهم ولأعمالهم، وفى نفس الوقت هى أيضًا مفيدة لتنمية الدولة، وفتح المجال أكثر لتلك الشركات حتمًا سيُحقق الفائدتين.