بقلم - عبد اللطيف المناوي
أذكر خلال الأيام التالية لأحداث يناير 2011، دخلت إلى مكتبى شابة صغيرة، دائما أفضل التعامل بطريقة المكتب المفتوح لكل الزملاء بلا استثناء، بحماسة بالغة وبثقة تامة طلبت أن أسمح لها بإجراء حديث مع حبيب العادلى وزير الداخلية الذى كان قد تم إيقافه وقتها. فى ظل كل الضغوط التى كنا نعانى منها، وقت بدا طلب المراسلة الصغيرة مستحيلا لدرجة الابتسام، باعتباره أمرا طريفا، لكن لحماسها الشديد وافقت لها على أن تقوم بكل ما تستطيع من تقارير مصورة تتطلب منها الخروج والحركة إلى أماكن صعبة وخطيرة للعمل والتصوير فيها. لكن سعادتها وابتسامتها المتحمسة وعيونها اللامعة بالتحدى والحماس كانت سببا دائما لاقتناعى بدعمها وثقتى فى نجاحها.
استمر تعاوننا فى العمل معا خلال مراحل تالية، وكانت كما عهدتها دائما فى كل ما تفعل متحمسة بلا حدود، أحيانا مندفعة، مؤمنة بما تفعل، لم تتلوث بالواقع الذى يغير كثيرا من البشر. عملت معى فى مشروعات إعلامية متعددة، وفى حملة انتخابات الرئاسة منذ حوالى عشر سنوات. وكانت دائما نفس روح المراسلة الصغيرة المتحمسة لما تفعل والمؤمنة بما تفعل. آخر مرة التقيت بها عندما أتت لتخبرنى بمشروعها الجديد موقع «Scoopempire» ومدى سعادتها أن تكون هذه أولى تجاربها كرئيس تحرير وتقود فيها زملاء لها. دائمًا رأيت فيها مشروعا لإنسان، أولًا، ثم صحفى ناجح وصادق. وتابعتها كمشروع شخصى لى فيه فضل المعرفة والمتابعة عن بعد.
عندما شاهدت الفيديو الذى انتشر بشدة خلال اليومين الماضيين لم أتفاجأ أن الشابة التى لاقت هذا الإعجاب بموقفها وأدائها وقدرتها على التعبير هى رحمة زين التى رأيت فيها دوما تلك الروح التى تحمل مزيج التمرد والحماس والنقاء الذى لم يتغير.
كان صوت رحمة عاليًا بصدقه ومنطقه، وهى تتحدث مع مراسلة الـ«cnn»، كلاريسا وارد، وتطلب منها أن تسمعها وتعطيها الفرصة فى التعبير عن رأيها، انفعالها بسبب الشعور بالضيق والإحساس بالظلم لمس معظم من شاهدها.
كان صوت رحمة درسا فى تأثير الإعلام ذى الرأى الواحد، والوجهة الواحدة، وسرد الوقائع الكاذبة، لأنهم من يسيطرون على الأمم المتحدة، ويملكون كل هذه الأبواق التى تتحدث برواية الجانب الإسرائيلى، كما قالت.
رحمة درست العلوم السياسية فى الجامعة الأمريكية، وعملت فى مجال الإعلام الذى أشهد أنه يمثل لها حياتها.
رحمة من عائلة إعلامية عريقة، حيث إن جدها لوالدتها هو الكاتب الصحفى المعروف محسن محمد، وجدتها هى الإعلامية هند أبوالسعود، ووالدتها هى الإعلامية ميرفت محسن.
من هنا أقول لها «برافو رحمة، إنتى الصوت الذى عرفته دائمًا».