بقلم - عبد اللطيف المناوي
في بداية حرب الخليج الثانية «حرب تحرير الكويت»، أطلق جيش الرئيس الراحل صدام حسين حوالى 40 صاروخًا من طراز «سكود»، باتجاه إسرائيل، في محاولة منه إلى جر تل أبيب إلى دائرة الصراع. وبعد سنوات، تعرض الداخل الإسرائيلى أيضًا لهجمات صاروخية متفرقة، سواء من حركة «حماس» أو «حزب الله» اللبنانى، حتى جاء الهجوم الإيرانى الأخير ليكون حلقة في سلسلة الهجمات التي تتعرض لها إسرائيل في الداخل.
طبيعة الهجمات التي شنتها الحركات المسلحة لا تخرج عن كونها هجمات محدودة، تشنها حركات وليس دولًا، لذا فإن الرد الإسرائيلى ربما يكون معروفًا من حيث حجمه وزمنه ونتائجه.
لكن ما حدث في أوائل التسعينيات، ويحدث هذه الأيام، يستحق التوقف.
الجيش الإسرائيلى قام منذ ثلاثة أعوام بنشر جزء من أرشيفه، كشف فيه عن أن الهجمات الصاروخية العراقية، والتى وقعت بين (18 يناير و25 فبراير 1991)، أسفرت عن سقوط 14 قتيلًا وأكثر من 200 جريح، غير تعرض الكثير من المبانى للتلف، واشتعال النيران في بعض المصانع، إضافة إلى حالة هلع انتابت المجتمع الإسرائيلى من هجمات كيميائية، جعلت حوالى 200 شخص يحقنون أنفسهم بعقار «الأتروبين» المضاد لغاز الأعصاب!.
أما الهجوم الأخير، الذي كان ردًّا على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، والذى أطلقت عليه طهران اسم «الوعد الصادق»، فأسفر عن إصابة طفلة من قرية بدوية بمنطقة النقب، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، وقالت إسرائيل إنها تمكنت من اعتراض 99% من الصواريخ والمسيّرات الإيرانية، بمساعدة حلفائها، وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا.
في 1991، وبعد الهجوم العراقى، ضغطت أمريكا على إسرائيل لإثنائها عن تنفيذ هجوم مباشر ضد العراق، وقد وافقت تل أبيب على عدم الرد، ولكنها طلبت من واشنطن أن تنشر على الفور نظم «باتريوت» الدفاعية المضادة للصواريخ. وبالفعل تحقق لها هذا.
أما الآن، فالموقف الأمريكى من الهجوم ليس بالوضوح الكافى، خصوصًا مع أنباء تشير إلى حث جو بايدن الطرف الإسرائيلى على ضبط النفس، وفى نفس الوقت تصريحاته الدائمة بأن الحفاظ على أمن إسرائيل هو الأولوية القصوى له.
ووفقًا لتقرير منشور في «بى بى سى»، يقول إن بايدن بعث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو رسالة واضحة مفادها: «لقد تم إحباط الهجوم الإيرانى، وانتصرت إسرائيل، فلا تُصعِّدوا الأمر أكثر من ذلك»، أما إسرائيل فأعلنت أنها سوف ترد على الهجوم الإيرانى بالطريقة التي تختارها وفى الوقت الذي تختاره.
الأمر مختلف بين الهجمتين، ربما بسبب السياسة الأمريكية الواضحة في بداية التسعينيات، وعدم وضوحها الآن لأن ما يدور خلف الكواليس أكثر مما يدور في العلن.
أظن أن أي رد فعل واسع من الحكومة الإسرائيلية سيزيد من حدة التوتر الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط، لذا نتمنى أن يتحكم صوت العقل والحكمة، وإن كنت أشك في ذلك في هذا الزمن