بقلم - عبد اللطيف المناوي
خمسة أيام وسط ثلوج وجبال سويسرا. ما خفف من إحساس البرد الشديد، وصلت درجة الحرارة فى بعض الاوقات -١٨، هو تنوع وتعدد موضوعات الحوار ولقاءات النقاش وحلقات البحث عن طرق للتعامل مع أوضاع متأزمة. هذه الحالة من المتابعة واللهاث للمعرفة كانت كفيلة ليس بنسيان برودة الجو فقط بل التعايش معه والاستمتاع به.
أعتبر حضور هذه المؤتمرات والمنتديات أمرا شديد الأهمية لمن يقرر أن يتعامل مع الرأى العام ويتوجه له برأى أو تحليل. هى أشبه بدورات تعليمية مكثفة، وكما يقول التعبير الإنجليزى «Eyes and minds opener» أى فتح أو إضاءة للعيون والعقول. أن نفهم ما حولنا ومن حولنا، أن نعرف المشكلات والأزمات والفرص وأفكار الحلول. أن نفهم التطور الحاصل فى العالم والتحديات وأن نحاول فهم أين نحن وما موقعنا من كل هذا؟ كيف نتأثر بما يحدث وكيف نستفيد. أنا هنا لا أتحدث عن الشأن الاقتصادى فقط بل يمتد الأمر إلى شؤون متعددة فى مختلف مجالات الحياة.
جزء من مسؤولية من يتصدى لمواجهة الرأى العام أن يكون دائمًا فى منطقة التعلم والفهم وتثقيف الذات، أن يكون فى موقع طالب الفهم والعلم وليس فى منطقة أستاذية خاوية منكشفة مع أول اختبار. وأن يكون حريصًا على أن يقدم معلومات عرفها أو سعى لمعرفتها حتى لا يكون مروجًا لتخاريف السوشيال ميديا وحكايات «القهاوى» كمصدر رئيسى للمعرفة. هذا إن أراد أن يكون أمينًا مع من يصادف ويقرأ ما يكتب.
إذًا المعرفة والفهم هى الهدف، وهذا على المستوى الشخصى، فما بالك على مستوى الدول. أظن أن حضور الدول ومسؤوليها إلى مثل هذه التجمعات المهمة يعد فى مستوى «فرض عين» ولا تنطبق عليها إجراءات تقشف أو ضغط مصروفات.
لأنه فى هذه الحالة تكون أقرب إلى إلغاء وظيفة التدريس للتوفير فى نفقات التعليم. الأرجنتين قد تكون أكثر دولة تواجه أزمة اقتصادية الآن شارك رئيسها فى دافوس. عديد من الدول الإفريقية التى تعانى من الديون وأزمات متعددة شاركت بمسؤولين على مستويات مختلفة. أقول هذا ويحضرنى ما ذكرته أحد المواقع الاقتصادية المتخصصة فى خبر لها عن المشاركة المصرية فى دافوس فى صيغة تثير الحزن لغياب فهم أهمية المشاركة حتى ونحن نواجه مشكلات اقتصادية، بل إن هذه المشكلات يجب أن تكون دافعًا لمشاركة أكبر.
يقول الخبر «إنه اليوم الثالث من منتدى دافوس، وقد حصلنا أخيرًا على أخبار حول هوية ممثل مصر فى المنتدى الاقتصادى العالمى، وهى وزيرة التعاون الدولى رانيا المشاط، التى من المتوقع أن تجرى محادثات مع المقرضين الدوليين وقادة العالم». إذن هذه هى المشاركة المصرية الوحيدة. ومع إعجابى وتقديرى الشديدين للدكتورة رانيا وحضورها ومساهماتها المشهود لها بالتميز فى مثل هذه المؤتمرات إلا أنه يظل تمثيلا مصريا محدودا فى مناسبة مهمة حضورنا فيها.
انتهى المنتدى ولم تنته رحلة التعلم.