بقلم - عبد اللطيف المناوي
كلما تعمقنا فى مصر، هذا الكيان العظيم، نكتشف فيه الكثير من غنى الأحداث والتاريخ والآثار، أتمنى لو أستطيع المبالغة بالقول منذ بدء البشرية.
فى مصر العجب العجاب من آثار ومزارات وأحداث تاريخية وقعت فى الماضى، ومازالت آثارها ممتدة حتى الآن. فى مصر برع المهندس والفلكى فى بناء تمثال لرمسيس يتعامد عليه شعاع الشمس فى ذكرى الميلاد والتنصيب ملكًا، وهو الحدث الذى يحتفى به العالم كل عام. فى مصر برع أجدادنا فى بناء حضارة صارت مضرب المثل فى الدقة والجودة والجمال، وتعلم منها العالم الكثير من الفنون والعلوم.
الأزهر الشريف فى مصر، وهو المؤسسة العلمية الدينية الضاربة فى جذور التاريخ، والتى كانت ومازالت المنارة المنيرة للعالم الإسلامى كله. الكرسى المرقسى فى مصر، والكاتدرائية الشرقية. مكتبة الإسكندرية هنا، وغيره مما لا مثيل له فى الدنيا.
كل هذا، هبات منحها التاريخ لنا كى نتحدث ونتفاخر بماضٍ عظيم وحاضر نسعى فيه للاستغلال الأمثل لكل ثرواتنا الإنسانية فى زيادة مصادر الدخل القومى.
من تلك الهبات ما نحتفل به خلال هذه الأيام من ذكرى مرور العائلة المقدسة فى مصر، وهو الحدث الذى يحمل عددًا من القيم المهمة، أولاها القيمة الدينية الكبيرة عند مسيحيى الشرق والعالم كله، وثانيتها القيمة الإنسانية العظيمة والتى تتمثل فى كونها رحلة موثقة فى التراث الإنسانى.
وأتصور كذلك أن الذكرى تحمل قيمة سياحية مهمة ينبغى استغلالها إعلاميًا ودعائيًا، والترويج لها عالميًا، لتحقيق أكبر استفادة ممكنة، سواء على المستوى الاقتصادى، أو حتى على مستوى الدعاية السياحية لمصر، نظرًا لطول المسافة التى قطعتها الرحلة من شمال مصر إلى جنوبها.
ومسار رحلة العائلة المقدسة يضم ٢٥ نقطة تمتد لمسافة 3500 كيلومتر فى أرض مصر، ذهابًا وإيابا من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوى كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار والمزارات المقدسة فى صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه، مع مجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقًا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مصر.
وأؤمن أيضًا بأنه لو استطعنا الترويج الجيد لجعل ذكرى رحلة العائلة المقدسة فى مصر عيدًا ومزارًا سنويًا، يضم كل هذه النقاط المكانية والأثرية الحيوية، فإن ذلك سيُسهم فى ارتفاع أسهم الاستثمارات المباشرة، والتى لها فوائد كبيرة للاقتصاد القومى.
لقد أقام البابا تواضروس، بطريرك الكرازة المرقسية فى مصر، قداس المناسبة، ومعه تُحيى الكنائس كلها الذكرى، يبقى فقط أن يهتم القائمون على ملف السياحة والاقتصاد بالتفكير فى طرق أكثر إبداعا لاستغلال تلك الهبة التاريخية المقدسة.
«مبارك شعبى مصر»..