بقلم - عبد اللطيف المناوي
منذ أكثر من أسبوع بقليل، أجرى الإعلامى الأمريكى «تاكر كارلسون» حوارًا مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين. وقد تحول مذيع «فوكس نيوز» السابق بفضل هذا الحوار، إلى أحد أكثر الأسماء الصحفية شهرة فى العالم. حتى قبل الحوار، وعندما أعلن «كارلسون» عن إجرائه اللقاء مع بوتين فى فيديو عبر حساباته الشخصية فى مواقع التواصل الاجتماعى، حصد أكثر من 60 مليون مشاهدة.
حوار بوتين جعل من «تاكر كارلسون» إعلاميًا مكروهًا بامتياز، حتى وصفه بعض زملائه بـ«الشرير»، وكان غضبهم عليه أكبر من غضب كثيرٍ من السياسيين، وإن كان لم يسلم منهم أيضا.
«كارلسون» ظهر فى دبى أثناء القمة العالمية للحكومات، وأجرى حوارا مع عماد الدين أديب، واتهم بلاده أمريكا، بالتحريض على الحرب، بسبب عدم قيام واشنطن بجهد حقيقى لوقف إطلاق النار فى غزة، رغم أنه لم يذكر إسرائيل أو الفلسطينيين على وجه التحديد.
وقال: «إذا رأيت أمة تتمتع بقوة هائلة، وتحرّض على الحرب من أجل مصلحتها الخاصة، فإن لديك قيادة ليس لها سلطة أخلاقية، وهذا غير شرعى. أنا لا أشير إلى أى منطقة أو صراع محدد. أعنى بشكل عام، وأنا مستاء للغاية من ذلك».
وادعى «كارلسون» أن حكومته تلاحقه وتضايقه منذ ثلاث سنوات، بسبب رغبته فى إجراء حوار مع بوتين، وقال: «حاولت الحصول على هذه المقابلة لمدة ثلاث سنوات، وقد منعتنى حكومة الولايات المتحدة من القيام بذلك من خلال التجسس على اتصالاتى وتسريبها إلى صحيفة نيويورك تايمز». وأضاف: «عملت أجهزة المخابرات فى بلدى، ضدى، بشكل غير قانونى، وهذا ما أثار غضبى، لأننى مواطن أمريكى، عمرى 54 عاما، أدفع الضرائب، وأطيع القانون».
وقال كارلسون: «أردت إجراء المقابلة ليس فقط لمعرفة رأى بوتين عن الأزمة الأوكرانية وكشف الحقائق للشعب الأمريكى، ولكن أيضا لأنهم أخبرونى أننى لا أستطيع القيام بذلك، بناء على وسائل غير قانونية ودون مبرر واضح حقا».
ومن بين الانتقادات التى وُجهت إلى «كارلسون» أنه طوال اللقاء امتنع عن تحدى الرئيس الروسى، وهو الأمر الذى خاب معه ظن أولئك الذين توقعوا مواجهة قوية. وقد تحدث «كارلسون» فى لقاء قمة الحكومات بأنه التقى بوتين لينقل الصورة للرأى العام، واعتبر أنه لم يذهب ليحقق بطولة، ولكن لينقل معلومة.
ولم يتوقف سيل الاتهامات لـ«كارلسون» منها أنه سمح لبوتين بالتلاعب أمام الجمهور، واعتبر كثير من زملاء المقدم الذى تحول إلى تقديم محتوى على الإنترنت، أنه أتاح لبوتين انتصارًا دعائيًا كبيرًا، وأن الطريقة التى غطت بها وسائل الإعلام الحوار، يمكن أن تؤكد ذلك بسهولة.
ولهذا نسأل الآن، هل بالفعل تجاوز «تاكر كارلسون» حدود المهنية فى حواره مع بوتين؟، أم أن الهجوم عليه كان بدافع «الغيرة المهنية»؟.. ويبقى التساؤل الأهم هو: «إلى هذا الحد قد تصطدم المهنية الإعلامية مع السياسة؟».